للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير أنه تأخر سماعه من أبي إسحاق» (١).

فأبو حاتم حين رجح رواية سفيان، وإسرائيل، ومن معهما، وذكر إتقانهما، عاد فنص على أن زهيرا متقن أيضا، لكن الخلل هنا جاء من المدار، وهو أبو إسحاق، فقد تأخر سماع زهير منه، وأبو إسحاق بآخره تغير حفظه.

وزهير هو ابن معاوية، وهو ثقة ثبت يقارن بسفيان الثوري في الحفظ والإتقان، وقد روى عن أبي إسحاق أحاديث يخالف فيها غيره، فجعل النقاد العهدة في ذلك على أبي إسحاق، وتأخر سماع زهير منه، ولو كانت العهدة على زهير لصار هناك شيء من التعارض بينه وبين ما وصف به من الحفظ والإتقان.

فمثل أبي إسحاق هناك تصنيفان لأصحابه، تصنيف لهم من حيث القوة، فقد روى عنه أيضا متوسطو الحفظ، وضعفاء، ومتروكون، فلا يصح أن يحمل هو عهدة ما خالفوا فيه، وتصنيف لهم من حيث قدم السماع وتأخره، فالعهدة عليه، فإذا كان من النوع الأخير فالترجيح حينئذ ليس سببه ترجيح بعض أصحاب الراوي على بعض من جهة حفظهم لحديثه وضبطهم له، وإنما من جهة المختلف عليه نفسه، وتفاوتهم في حال الرواية عنه، والعهدة عليه في الاختلاف.

وقد يقال: الحصيلة واحدة، فقد عرفنا الراجح من الاختلاف، وهذا هو المقصود، غير أن هذه نظرة فيها شيء من القصور، فمعرفة الراجح لا يكفي من


(١) «علل ابن أبي حاتم» ١: ٢٨٣، والمرفوع أخرجه أحمد ١: ٢٦٧، ٣٠٢.
وانظر مثالين آخرين في «علل ابن أبي حاتم» (٢٧٩)، (٨٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>