للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحديث وإن لم يكن منكرا عن أبان، لكنه منكر عن أنس، فأبان متروك الحديث، ولما سئل أبو حاتم عن رواية المسيب بن واضح، عن معتمر بن سليمان، عن حميد، عن أنس، قال: «هذا حديث باطل، وليس هو من حديث حميد، إنما هو حديث أبان» (١).

فبين أولا بطلان الحديث كله، ثم بين أنه لا يصح عن حميد، وإنما الذي يرويه هو أبان بن أبي عياش.

والمقصود هنا أن تحديد مراد الناقد بالتفرد والتضعيف به، أو نفي ذلك، في غاية الأهمية بالنسبة للباحث، فيتأكد من مراد الناقد بالتأمل في سياق الكلام، وبالنظر في الطرق الأخرى، وأقوال النقاد الآخرين.

سابعا: مع أهمية كلام النقاد في التفرد، ورد هذا التفرد أو قبوله، فالباحث أمامه عمل كبير يقوم به، ليتمم عمل النقاد، لا ليقضي عليه، فكثير من الباحثين يظن أن الباحث انتهت مهمته إذا قيل له: ابحث عن كلام النقاد في الحديث وأثبته، وليس الأمر كذلك قطعا، فهناك أمور كثيرة تحتاج إلى جهد الباحث، وخبرته، وإظهار مقدرته النقدية.

وقد أخرت الكلام في هذه القضية بغرض التأكيد عليها وإبرازها، وتسهيل إدراكها على الباحث، إذ قد تقدم في هذا الباب مسائل كثيرة في التفرد يدرك الباحث من خلال عرضها أن نقد المرويات لا يزال بحاجة إلى جهده المبارك،


(١) «علل ابن أبي حاتم» ١: ٢٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>