عبدالله، قال:«كان آخر الأمرين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك الوضوء مما مست النار»، فذكر له عللا، أحدها أنه مختصر من متن مشهور، رواه الجماعة عن محمد بن المنكدر، عن جابر، قال:«قربت للنبي - صلى الله عليه وسلم - خبزا ولحما، فأكل، ثم دعا بوضوء، فتوضأ به، ثم صلى الظهر، ثم دعا بفضل طعامه فأكل، ثم قام إلى الصلاة ولم يتوضأ».
ونسب الباحث إعلاله بهذا إلى جمع من النقاد: أبي داود، وابن حبان، والبيهقي، بعد أن أخرجوا الحديث.
ولا إشكال في هذا، لكن الباحث ذكر علة أخرى للحديث وهي اضطراب المتن، ونقل عن ابن أبي حاتم قوله:«سألت أبي عن حديث رواه علي بن عياش، عن شعيب بن أبي حمزة ... ، فسمعت أبي يقول: هذا حديث مضطرب المتن، إنما هو: «أن النبي أكل كتفا ولم يتوضأ»، كذا رواه الثقات عن ابن المنكدر، عن جابر، ويحتمل أن يكون شعيب حدث به من حفظه فوهم فيه».
ثم ذهب الباحث يشرح اضطراب المتن بكلام بناه على ما في ذهنه من معنى لكلمة (مضطرب) الورادة في كلام أبي حاتم، فمعنى المضطرب -كما تقدم شرحه في المبحث الرابع من الفصل الرابع- هو الحديث الذي يروى على أوجه ولا مرجح بينها، وقد يوصف بالاضطراب مع الترجيح.
والباحث لم يجد أن حديث شعيب قد روى على أوجه في متنه، إنما هو لفظ واحد، فخرج الباحث إلى عموم أحاديث الباب، وأن منها ما فيه ترك الوضوء مما مست النار، ومنها ما فيه الأمر بالوضوء مما مست النار.