للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلاما، مع الحذر الشديد، ومزيد اليقظة والانتباه.

قال الخطيب البغدادي: «أشبه الأشياء بعلم الحديث: معرفة الصرف، ونقد الدنانير والدراهم، فإنه لا يعرف جودة الدينار والدرهم بلون، ولا مَسٍّ، ولا طراوة، ولا دنس، ولا نقش، ولا صفة تعود إلى صغر أو كبر، ولا إلى ضيق أو سعة، وإنما يعرفه الناقد عند المعاينة، فيعرف البهرج والزائف، والخالص والمغشوش، وكذلك تمييز الحديث، فإنه علم يخلقه الله تعالى في القلوب، بعد طول الممارسة له، والاعتناء به» (١).

وقال ابن رجب: «لا بد في هذا العلم من طول الممارسة، وكثرة المذاكرة، فإذا عدم المذاكرة به فليكثر طالبه المطالعة في كلام الأئمة العارفين، كيحيى القطان، ومن تلقى عنه، كأحمد، وابن المديني، وغيرهما، فمن رزق مطالعة ذلك، وفهمه، وفقهت نفسه فيه، وصارت له فيه قوة نفس وملكة - صلح له أن يتكلم فيه» (٢).

وقال السخاوي: «الله تعالى بلطيف عنايته أقام لعلم الحديث رجالا نقادا، تفرغوا وأفنوا أعمارهم في تحصيله، والبحث عن غوامضه وعلله ورجاله، ومعرفة مراتبهم في القوة واللين، فتقليدهم، والمشي وراءهم، وإمعان النظر في تواليفهم، وكثرة مجالسة حفاظ الوقت، مع الفهم، وجودة التصور، ومداومة الاشتغال، وملازمة التقوى والتواضع، يوجب لك -إن شاء الله- معرفة السنن


(١) «الجامع لأخلاق الراوي» ٢: ٢٥٥.
(٢) «شرح علل الترمذي» ٢: ٦٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>