للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متونها، أو أسانيدها، فإذا نقلت إلى غيره ميزوا ذلك، وقالوا: تشبه أحاديث فلان، ولا تشبه أحاديث فلان، قال الآجري: «سمعت أبا داود يقول: إسماعيل بن سالم سمع من أبي صالح ذكوان، ومن أبي صالح باذام، قيل: هذا يشتبه؟ قال: إن حديث هذا لا يخفى من حديث هذا» (١).

فهذه المعارف -وغيرها مما يلتحق بها- سخرها النقاد لكشف أخطاء الرواة، فكان هذا غرضا مهما جدا من هذا السبر، وهذا الجهد العظيم الذي قام به هؤلاء، فهو يندرج تحت وصية شعبة في قوله: «ما سمعت من علي بن بذيمة إلا حديثين، فمن حدثكم بثلاثة فكذبوه» (٢).

وسأذكر الآن عددا من النصوص، تتضمن تطبيقات النقاد في تسخيرهم هذه المعارف لنقد الأحاديث نفسها.

فمن النصوص فيما تقدم ما رواه عبدالله بن أحمد، قال: «حدثني أبو معمر، قال: حدثنا أبو أسامة، قال: كنت عند سفيان، فحدثه زائدة، عن شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن سعيد بن جبير: {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ}، قال: «هم الشهداء»، فقال له سفيان: إنك لثقة، وإنك لتحدثنا عن ثقة، وما يقبل قلبي أن هذا من حديث سلمة.

فدعا بكتاب، فكتب: من سفيان بن سعيد، إلى شعبة، وجاء كتاب شعبة:


(١) «سؤالات الآجري لأبي داود» ١: ٢١٨.
(٢) «الكامل» ١: ٩١، والنص في «المعرفة والتاريخ» ٣: ١٨٢، بجزئه الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>