اعترض على ثبوت ذلك عن ابن جريج، فأعل الحكاية بتفرد ابن علية بها، وبأنها غير موجودة في كتب ابن جريج، ومثله يقال في كلام ابن معين.
ونلحظ في جواب أحمد أمرا آخر، وهو استناده في تضعيف الحكاية إلى كونها غير موجودة في كتب ابن جريج، وهذا أحد الأصول التي سبق الحديث عنها.
وكذلك الحال في قول أبي حاتم في رده على إنكار ابن معين لحديث إسحاق الأزرق، ففي جواب أبي حاتم اعتماده أصل أن الحديث يتوقف فيه إذا لم يكن في كتاب الراوي، وإنما اعترض باحتمال أن يكون ابن معين نظر في بعض الكتاب، ولم يتمعنه جيدا، فكأن أبا حاتم يقول: لو تأكدت أن الحديث ليس في كتاب إسحاق لكان هناك كلام آخر.
ومن نافلة القول التنبيه إلى أن الوسيلة التي يستخدمها الناقد في نقده ليست بمعزل عن الوسائل الأخرى، فمناقشة الناقد للراوي، أو نظره في كتابه، أو معرفة الناقد بأحاديث الراوي، أو معرفته بشيء ما حدث في مجلس التحديث، هي وسائل مضمومة عند الناقد إلى وسائل أخر، سيأتي الحديث عنها في الأبواب اللاحقة، فربما تتعاضد الوسائل، وتقود إلى أمر واحد، فتتضح الصورة للناقد، وربما تتعارض الوسائل، فيحتاج إلى مزيد نظر وتأمل، بل ربما يتعارض تطبيق الوسيلة الواحدة، فيزداد الأمر غموضا، كما تقدم آنفا في حوار أبي حاتم، وأبي زرعة، ويأتي أيضا مزيد شرح وتوضيح لتعارض الوسائل في الأبواب اللاحقة.