للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال بعد أن ساق الحديث، وكلام ابن صاعد: «وأفلح بن حميد أشهر من ذاك، وقد حدث عنه ثقات الناس، مثل ابن أبي زائدة، ووكيع، وابن وهب، وآخرهم القعنب‍ي، وهو عندي صالح، وأحاديثه أرجو أن تكون مستقيمة كلها، وهذا الحديث ينفرد به معافى عنه، وأنكر أحمد على أفلح في هذا الحديث قوله: «ولأهل العراق ذات عراق»، ولم ينكر الباقي من إسناده ومتنه شيئا» (١).

وأما مسلم فتعلق بالراوي عن المعافى بن عمران عنده، فقال: «ليس بمستفيض عن المعافى، إنما روى هشام بن بهرام، وهو شيخ من الشيوخ، ولا يقر الحديث بمثله إذا تفرد» (٢).

فالباحث لا ينبغي له أن يتعرض للبحث في أصل نكارة هذه اللفظة، فهي منكرة عند الجميع، لكن له أن يرجح فيمن يتحمل عهدتها، فيستبعد أولا رأي مسلم، إذ قد رواه عن المعافى أيضا محمد بن علي أبو هاشم الموصلي، وغيره.

ويمكن أيضا أن يستبعد المعافى بن عمران بكون أفلح بن حميد قد استنكر عليه عن القاسم غير هذا الحديث، كما يومئ إليه كلام أحمد.

فأمام المتأخر عمل كثير يقوم به، غير أنه حمل نفسه فوق طاقتها -والله لا يكلف نفسا إلا وسعها- فانتصب للنقد مستقلا، وسلك منهجا مغايرا، بإدراك لذلك من بعضهم، ودون إدراك من البعض الآخر.


(١) «الكامل» ١: ٤٠٨.
(٢) «التمييز» ص ٢١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>