وقد نبهت فيما مضى في الفصل الثالث من الباب الأول إلى ضرورة انتباه الباحث لتصرفات المحققين للكتب، والناشرين لها، فإن كثيرا منهم لا يبالي بتغيير ما يجده في الكتاب الذي يحققه إذا كان ما فيه يخالف ما في مصادر أخرى، فيزيد وينقص، ويعدل، ظنا منه أن ما وقع عنده من خطأ النساخ، وليس هو كذلك، إنما هو اختلاف رواية، وهنا ينبه الباحث أن لا يقع فيما يقع فيه هؤلاء، فيتخلص من بعض الاختلافات على أنها أخطاء نساخ.
تعرض أحد الباحثين للنظر في الاختلاف الواقع على قتادة، في الحديث الذي يرويه قتادة، عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن أبيه، عن علي مرفوعا:«يغسل من بول الجارية، ويصب على بول الغلام»، وقد اختلف فيه على قتادة كثيرا, ومما ذكره الباحث رواية سعيد بن أبي عروبة، وهو يرويه عند الباحث عن قتادة موقوفا على علي، قال الباحث في تخريجها: «ورواية سعيد أخرجها عبدالرزاق كتاب الصلاة / باب بول الصبي (١/ ٣٨١) ومسدد في المسند كما في الإتحاف (٧٢٠ - المسندة) وابن أبي شيبة في المصنف كتاب الطهارات / باب في بول الصبي ... (١/ ١١٤) وأبو داود (٣٧٧) والبيهقي (٢/ ٥٨٢)، وسقط من سند عبدالرزاق وابن أبي شيبة (أبو الأسود).».
كذا صنع الباحث، ذكر أن عدم ذكر أبي الأسود سقط في سند عبدالرزاق، وابن أبي شيبة, وفرغ منه هكذا، وعبدالرزاق، وابن أبي شيبة، يرويانه من طريقين عن سعيد بن أبي عروبة، وهذان الطريقان غير الطريق الذي جاء فيه ذكر أبي الأسود، فهو إذن اختلاف على سعيد بن أبي عروبة، أغفله الباحث، وعده