للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولى عن الزهري: «ما لم يختلفوا، فإذا اختلفوا وجب النظر في اختلافهم ليؤخذ بقول أكثرهم وأحفظهم، ما لم يبن أن الخلاف فيه من الزهري» (١).

ولا يقال: ليس هذا خاصا بهؤلاء، فما من ثقة اختلف عليه إلا وبعض الاختلاف ليس سببه وهم الرواة عنه، إذ يجاب عن هذا بأن وجه الاستشهاد بكلام أحمد وغيره هو هذا التقسيم، فاقتضت حال الزهري وأمثاله أن يكون بعض الاختلاف عليه بسبب سعة روايته، وبعضه الآخر بسب الوهم عليه، وأما سائر الثقات ممن لا تكون حاله حال الزهري فقد يوجد عنه أن يروي الحديث على وجهين، لكن ليس من الكثرة بحيث يكون قسيما للاحتمال الآخر.

يدل على ذلك كلامهم في الثقة الثبت إذا لم يكن مكثرا، فمن ذلك قول عبدالرحمن بن مهدي: «لا ترى حافظا يختلف على أبي حصين» (٢).

وقال أيضا: «أربعة بالكوفة لا يختلف في حديثهم، فمن اختلف عليهم فهو مخطئ، ليس هم»، فذكر الأربعة وهم: سلمة بن كهيل، وعثمان بن عاصم أبو حصين الأسدي، وعمرو بن مرة، ومنصور بن المعتمر (٣)، وكل هؤلاء ليسوا من المكثرين من الرواية، بالنسبة لمن وصف بسعة الرواية (٤).


(١) «التعديل والتجريح» ١: ٢٩٨، ويظهر لي أنه أخذه من كلام البرديجي، ولم ينسبه إليه.
(٢) «تهذيب الكمال» ١٩: ٤٠٣.
(٣) «الجرح والتعديل» ٤: ١٧٠، ٦: ١٦٠، ٢٥٧، ٨: ١٧٧.
(٤) انظر: «ثقات العجلي» ٢: ١٢٩، ٢٩٩، و «المعرفة والتاريخ» ٢: ١٧٤، و «تهذيب الكمال» ١١: ٣١٥، ٢٢: ٢٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>