ويزول الاختيار بالنسبة للباحث إذا كان الناقد هو الذي رفع المدار، فذكر أولا اختلافا على راو معين، كالرفع والوقف، ثم ذكر هذا الاختلاف بعينه أو زاد عليه على راو أعلى منه، فهو ملزم حينئذ بمتابعة الناقد، واعتماد المدار الأعلى، ولا يقول في حال كون الناقد لم يزد شيئا على ما ذكره من الاختلاف على المدار الأدنى: لا فائدة من رفع المدار, فعدم وجود الفائدة لا يلتفت إليه في مقابل متابعة الناقد في تصويره للاختلاف.
وأما القيد الثاني -وهو أن يمكن رفع المدار- فالمقصود به الاحتراز عن حالات لا يمكن معها رفع المدار، فالباحث الذي اختار موضوع بحثه الأحاديث التي اختلف فيها على راو معين، كالزهري، أو قتادة، أو الأعمش، أو سعيد بن أبي عروبة، المدار عنده في الأحاديث كلها على هذا الراوي، لا يستطيع أن يرفع مداره فوقه، وإن وجد اختلافا على شيخه أو من فوقه.
وكذلك إذا كان الباحث لم يتقيد براو معين كغالب البحوث، ولكن رفع المدار يؤدي إلى إلغاء بعض الأوجه عن المدار الأدنى، لكونها لا تمر على المدار الأعلى، فبينهما اشتراك في بعض الأوجه، ففي هذه الحالة يبقى الباحث في هذه المرحلة على مداره لا يتجاوزه.
فإذا قام برفع مدار الاختلاف وهو لا يمكنه ذلك اضطرب في عرضه للاختلاف وفي دراسته.
فمن ذلك أن إماما سئل عن حديث رواه مروان الفزاري، عن سَعَّاد الكوفي، عن جعفر بن إياس، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، قال: «اختلفنا