ولهذا صور كثيرة، منها أن يحفظ عن المدار أو عمن بعده وجهان، أحدهما موصول، والآخر مرسل بإسقاط الصحابي، فالحكم للموصول، والمرسل انضوى تحته، فلا حكم له، وهكذا في الرفع والوقف.
ومنها أن يسقط الراوي شيخه أو من فوقه مرة، ويذكره أخرى، تدليسا، أو إرسالا، فالحكم للإسناد الذي أتى فيه بزيادة الراوي، والإسناد الآخر الناقص لا حكم له.
ومن هذا الباب قول ابن حجر في توجيه إخراج البخاري لحديث اختلف فيه على الزهري وصلا وإرسالا، في قصة إتيان صفية إليه - صلى الله عليه وسلم - وهو معتكف، فقيل عنه, عن علي بن الحسين, عن صفية أم المؤمنين, وقيل عنه, عن علي بن الحسين مرسلا، وأكثر الطرق إلى الزهري على وصله، ومنهم من رواه على الوجهين، قال ابن حجر:«واعتمد المصنف الطريق الموصولة، وحمل الطريق المرسلة على أنها عند علي، عن صفية، فلم يجعلها علة للموصول، والله أعلم»(١).
وقد تقدم في المبحث السابق أن النقاد في حال ترجيح وجه واحد عن المدار, وتخطئة الآخر، قد يصححون الوجه الخطأ إذا كان الوجه الآخر متمما له،
(١) «فتح الباري» ٤: ٢٨٧، وانظر طرق هذا الحديث في: «صحيح البخاري» حديث (٢٠٣٥)، (٢٠٣٨ - ٢٠٣٩)، (٣١٠١)، (٣٢٨١)، (٦٢١٩)، (٧١٧١)، و «صحيح مسلم» حديث (٢١٧٥)، و «سنن أبي داود» حديث (٣٣٣٤)، (٣٣٥٧ - ٣٣٥٩)، و «سنن ابن ماجه» حديث (١٧٧٩)، و «مسند أحمد» ٦: ٣٣٧، و «مسند أبي يعلى» حديث (٧١٢١)، و «علل الدارقطني» ١٥: ٢٩٠.