للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البحر من قرب مدينة صلا إلى مصر ماشيا، ومن مصر إلى الرملة ماشيا، ومن الرملة إلى بيت المقدس، ومن الرملة إلى عسقلان، ومن الرملة إلى طبرية، ومن طبرية إلى دمشق، ومن دمشق إلى حمص، ومن حمص إلى أنطاكية، ومن أنطاكية إلى طرسوس، ثم رجعت من طرطوس إلى حمص -وكان بقي على شيء من حديث أبي اليمان فسمعت-، ثم خرجت من حمص إلى بيسان، ومن بيسان إلى الرقة، ومن الرقة ركبت الفرات إلى بغداد، وخرجت قبل خروجي إلى الشام من واسط إلى النيل (١)، ومن النيل إلى الكوفة، كل ذلك ماشيا، كل هذا في سفري الأول وأنا ابن عشرين سنة، أجول سبع سنين ... » (٢).

وقال أيضا: «بقيت بالبصرة في سنة أربع عشرة ومائتين ثمانية أشهر، وكان في نفسي أن أقيم سنة، فانقطعت نفقتي، فجعلت أبيع ثياب بدني شيئا فشيئا، حتى بقيت بلا نفقة، ومضيت أطوف مع صديق لي إلى المشيخة وأسمع منهم إلى المساء، فانصرف رفيقي، ورجعت إلى بيت خالٍ، فجعلت أشرب الماء من الجوع، ثم أصبحت من الغد، وغدا علي رفيقي، فجعلت أطوف معه في سماع الحديث على جوع شديد، فانصرف عني، وانصرفت جائعا، فلما كان من الغد غدا علي، فقال: مر بنا إلى المشايخ، قلت: أنا ضعيف لا يمكنني، قال: ما ضعفك؟ قلت: لا أكتمك أمري، قد مضى يومان ما طعمت فيهما شيئا، فقال لي: قد بقي معي دينار، فأنا أواسيك بنصفه، ونجعل النصف الآخر في الكراء، فخرجنا من


(١) النيل: بليدة في سواد الكوفة. معجم البلدان ٥: ٣٣٤.
(٢) «الجرح والتعديل» ١: ٣٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>