وهذا الأثر مما تلقته الأمة بالقبول وأجمع عليه أهل السنة كما ذكر ذلك شيخ الإسلام وغيره ... ومن ضعّف الأثر يُعِلُّه "بليث بن أبي سليم": وقد ضعفه بعض أهل العلم ولكن قال عنه ابن عدي فى الكامل (٦/ ٩٠): "له أحاديث صالحة وقد روى عنه شعبة والثوري ومع الضعف الذي فيه يكتب حديثه". وقال الإمام أحمد: "مضطرب الحديث، ولكن حدث الناس عنه" الكواكب النيّرات لابن الكيال ص ٤٩٣. يعني أن ضعفه ليس شديدًا قد ينجبر بالشواهد الأخرى كما سيأتي. ومما يجعلنا نقوي هذا الأثر عدة أمور: ١ - ما نقل عن السلف في قبول هذا الخبر والطعن فيمن ردَّه وتضليله وتبديعه وإليك الأمثلة - (انظر: السنة للخلال من ص ٢٠٩ إلى ص ٢٦٥) -: قال أبو داود: "من أنكر هذا فهو عندنا متهم، وقال: ما زال الناس يحدثون بهذا الحديث يريدون مغايظة الجهمية، وذلك أن الجهمية ينكرون أن على العرش شيء". قال إسحاق بن راهويه: "من ردَّ هذا الحديث فهو جهمي". قال إبراهيم الأصبهاني: "هذا الحديث حدث به العلماء منذ ستين ومائة سنة ولا يرده إلّا أهل البدع، قال: وسألت حمد بن علي عن هذا الحديث فقال: كتبته منذ خمسين سنة ولا يرده إلاّ أهل البدع". ٢ - ليس في الأثر ما يستنكر أو يوهم التشبيه والتجسيم -كما زعم أهل البدع-، لأن الأثر قال: "يجلس محمدًا على العرش" فهذا فيه نص على استواء الرب على العرش حقيقة وليس فيه كيفية لهذا الاستواء حتى يستشنعه بعض من يسمعه، ويدل لهذا قول أبي داود: "يريدون مغايظة الجهمية، وذلك أن الجهمية ينكرون أن على العرش شيء"، وأهل السنة حين إيرادهم لهذا الحديث يستدلون به لإثبات العلو والاستواء فقط لا غير، وأنه مما اختص به النبي - صلى الله عليه وسلم - على سائر الخلق. =