ومن ذلك ما رواه مالك في الموطأ عن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أنه بلغه أن عمرو بن الجموح، وعبد الله بن عمرو (والد جابر) الأنصاريين ثم السلميين كانا قد حفر السيل قبرهما، وكان قبرهما مما يلي السيل، وكانا في قبر واحد وهما ممن استشهد يوم أحد فحفر عنهما ليغيرا من مكانهما، فوجدا لم يتغيرا، كأنما ماتا بالأمس، وكان أحدهما قد جرح فوضع يده على جرحه، فدفن وهو كذلك، فأميطت يده عن جرحه، ثم أرسلت فرجعت كما كانت، وكان بين يوم أحد وبين يوم حفر عنهما ست وأربعون سنة. الموطأ، كتاب الجهاد، باب الدفن في قبر واحد من ضرورة، ٢/ ٤٧٠. وقال ابن عبد البر في التمهيد (١٩/ ٢٣٩): "هكذا هذا الحديث في الموطأ مقطوعًا لم يختلف على مالك فيه، وهو يتصل من وجوه صحاح بمعنى واحد متقارب) اهـ. وانظر في هذا: التذكرة للقرطبي ١/ ٢٠٥، مشارع الأشواق إلى مصارع العشاق لابن النحاس ٢/ ٧٠٠ - ٧٠٤. ٢٩٠٥ - كما في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (٢٨) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (٢٩)} [الأحزاب: ٢٨، ٢٩]. وقد خيّرهن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، فاخترن كلُّهن الله ورسولَه والدار الآخرة.=