للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

منسوجةً من الجهل والتقليد والشبه والعناد، فإذا بُذِلت له النصيحةُ، ودُعِيَ إلى الحقّ، أخذته العزّة بالإثم، فحسبه جهنم ولبئس المهاد (١).

فما أعظم المصيبةَ بهذا وأمثاله على الإيمان! وما أشدَّ الجنايةَ به على السنّة والقرآن! وما أحبَّ جهادَه بالقلب واليد واللسان إلى الرحمن! وما أثقلَ أجرَ ذلك الجهاد في الميزان!

والجهاد، بالحجّة والبيان مقدّم (٢) على الجهاد بالسيف والسنان. ولهذا أمر به تعالى في السور المكية حيث لا جهاد باليد إنذارًا وتعذيرًا (٣). فقال تعالى: {فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (٥٢)} [الفرقان: ٥٢]. وأمر تعالى بجهاد المنافقين والغلظة (٤) عليهم مع كونهم بينَ أظهُرِ المسلمين في المقام والمسير، فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٧٣)} [التوبة: ٧٣]. فالجهادُ بالعلم والحجّة جهادُ


(١) اقتباس من قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (٢٠٤) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا .. إلي قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (٢٠٦)} [البقرة: ٢٠٤ - ٢٠٦].
(٢) د: "يتقدم".
(٣) كذا بالعين في جميع النسخ. فهل استعمل المؤلف التعذير بمعنى الإعذار، وهما ضدّان، فالإعذار: المبالغة في الأمر، والتعذير: التقصير فيه. ويرى الشيخ سعود العريفي أنّ الصواب: "تحذيرًا" بالحاء، وهو أشبه (ص).
(٤) ب: الغلظ.