للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فصلٌ

٥٩ - وَكَذاكَ قَالُوا مَا لهُ مِنْ حِكْمَةٍ ... هِي غَايةٌ لِلأَمْرِ والإِتْقَانِ

٦٠ - مَا ثَمَّ غَيْرُ مشِيئةٍ قَدْ رجَّحَتْ ... مِثْلًا عَلى مِثْلٍ بِلا رُجْحَانِ


= يَظلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف: ٤٩] وقوله: {وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [ق: ٢٩] إذ كيف يمدح نفسه بترك شيء محال عليه أصلًا وليس له اختيار في فعله أو تركه، وكيف ينزه عن شيء لا يعقل؟ قال شيخ الإسلام رحمه الله بعدما حكى قول الجهمية المتقدم: "وقال كثير من أهل السنة والحديث والنظار: بل الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه، ومن ذلك أن يبخس المحسن شيئًا من حسناته أو يحمل عليه من سيئات غيره وهذا من الظلم الذي نزه الله نفسه عنه كقوله تعالى .. " ثم ذكر الأدلة على نفي الظلم عن الله، ثم قال: ومثل هذه النصوص كثيرة ومعلوم أن الله تعالى لم ينف بها الممتنع الذي لا يقبل الوجود كالجمع بين الضدين فإن هذا لم يتوهم أحد وجوده وليس في مجرد نفيه ما يحصل به مقصود الخطاب، فإن المراد بيان عدل الله وأنه لا يظلم أحدًا كما قال تعالى: {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف: ٤٩] ثم قال: ومثل هذه النصوص كثيرة وهي تبين أن الظلم الذي نزه الله نفسه عنه ليس هو ما تقوله القدرية ولا ما تقوله الجبرية ومن وافقهم. اهـ. مجموع الفتاوى ٨/ ٥٥٧ - ٥٠٩.
وقال ابن القيم رحمه الله: "والجبرية عندهم لا حقيقة للظلم الذي نزّه الرب نفسه عنه البتة بل هو المحال لذاته، وكل ممكن عندهم فليس بظلم حتى إنه لو عذَّب رسله وأنبياءه وأولياءه أبد الآبدين وأبطل جميع حسناتهم وحملهم أوزار غيرهم وعاقبهم عليها .. لكان ذلك عدلًا محضًا فإنّ الظلم من الأمور الممتنعة لذاتها في حقه وهو غير مقدور له". ثم قال: "وأصحاب هذا القول إنما نزّهوا الله عن المستحيل لذاته الذي لا يتصور وجوده ومعلوم أن هذا التنزيه يشترك فيه كل أحد ولا يمدح به أحد أصلًا". مختصر الصواعق ١/ ٢٢٢ - ٢٢٣. وانظر البيت ١٥٩٤.
٦٠ - أنكرت الجهمية أن لله تعالى حكمة وقالوا إنه يفعل بلا حكمة، قال شيخ الإسلام بعدما حكى بعض مذهب القدرية: "وكذلك من قابلهم فنفى حكمة=