القدرية لنا مُجْبِرة، ولا نجحد صفاتِ ربنا تبارك وتعالى لتسمية الجهمية والمعتزلة لنا مجسّمةً مشبّهةً حَشْويةً، كما قيل:
فإن كان تجسيمًا ثبوتُ صفاتِه ... تعالى فإنّي اليومَ عبدٌ مجسِّمُ
ورضي الله عن الشافعي إذ يقول:
إن كان رفضًا حبُّ آلِ محمَّدٍ ... فَلْيشهدِ الثَّقلانِ أنّي رافضي
وقدَّس الله روح القائل [وهو شيخ الإسلام ابن تيمية] إذ يقول:
إن كان نَصْبًا حبُّ صَحْبِ محمّدٍ ... فَلْيشهَدِ الثَّقَلانِ أنّي ناصبي
وأما القرآن فإني أقول إنّه كلام الله، منزَّل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، تكلم الله به صدقًا، وسمِعَه جبريل منه حقًا، وبلّغه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - وحيًا. وأنّ {كهيعص (١)} [مريم: ١]، {حم (١) عسق (٢)} [الشورى الآيتان/ ١ - ٢]، و {ق}[ق/ ١] , و {ن}[القلم/ ١] عين كلام الله تعالى حقيقة. وأنّ الله تكلم بالقرآن [٤/ أ] العربي الذي سمعه الصحابة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. جميعُه كلامُ الله وليس قولَ البشر، ومن قال إنه قول البشر فقد كفر، والله يصليه سقر، ومن قال ليس لله في الأرض كلام فقد جحد رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم -، فإن الله بعثه يُبلِّغ عنه كلامَه، والرسول إنما يبلِّغ كلامَ مُرسِله. فإذا انتفى كلام المرسِل انتفت رسالة الرسول.
ونقول: إن الله تعالى فوق سماواته مستوٍ على عرشه، بائنٌ مِن خلقه، ليس في مخلوقاته شيء من ذاته، ولا في ذاته شيء من مخلوقاته. وإنّه تعالى إليه يصعَد الكلم الطيّب، وتعرُج الملائكة والروح إليه. وإنه يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرُج إليه.
وإن المسيح رُفِع بذاته إلى الله وإن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عُرِج به إلى الله حقيقة. وإن أرواح المؤمنين تصعد إلى الله عند الوفاة، فتُعرَض عليه، وتقف بين يديه. وإنه تعالى هو القاهر فوق عباده وإن المؤمنين والملائكة المقربين يخافون ربَّهم من فوقهم.