للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= أطال الناظم -رحمه الله تعالى- النفس في كتابه (الصواعق) في إبطال المجاز، وذكر في ذلك نحوًا من خمسين وجهًا، ولكن ظاهر كلامه في هذه الأبيات: التفصيل في مسألة المجاز، وهو أن الأصل في النصوص حملها على الحقيقة ما لم تقم ضرورة من حس وبرهان توجب صرفها إلى المجاز. ويمكن الجمع بين كلامه هنا وكلامه في الصواعق بأحد أمرين:
الأول: أنه لما كان في كتابه الصواعق في معرض الرد على نفاة الصفات الذين اتخذوا من (المجاز) مطية لهم في إنكار حقائق الأسماء والصفات للباري عزَّ وجل، اشتد نكيره عليهم وإبطاله لتلك المطية التي اتخذوها؛ لذلك قال هناك: (فصل في كسر الطاغوت الثالث الذي وضعته الجهمية لتعطيل حقائق الأسماء والصفات وهو طاغوت المجاز). أما كلامه هنا فعلى النصوص عامة لا اختصاص فيه بنصوص الصفات، فيكون محمولًا على غير نصوص الصفات، لذلك لما قرر مذهب السلف في الأسماء والصفات قبل هذه الأبيات بقليل لم يشر إلى تطرق المجاز والتأويل لنصوصها ولا لبعضها.
الثاني: أن يكون سمى ذلك الصرف لظاهر النص عند وجود الضرورة مجازًا من باب التنزل، وإلا فقيام تلك الضرورة في صرف النص عن ظاهره حمل للنص على حقيقته التي فهمت منه مع وجود تلك الضرورة. فإن اللفظ يكون فيه من التركيب والإضافة، ويحيط به من القرائن ما يدل على مراد المتكلم حقيقة. انظر: مختصر الصواعق ٢/ ٢٧٤، شرح النونية للهراس ٤٢٣.
ومما يوضح كلام الناظم في هذه الأبيات ما قاله في بدائع الفوائد: (المجاز والتأويل لا يدخل في المنصوص، وإنما يدخل في الظاهر المحتمل له، وهنا نكتة بديعة ينبغي التفطن لها - وهي أن كون اللفظ نصًا يعرف بشيئين:
أحدهما: عدم احتماله لغير معناه وضعًا كالعشرة.
والثاني: ما اطرد استعماله على طريقة واحدة في جميع موارده، فإنه نص في معناه لا يقل تأويلًا ولا مجازًا، وإن قدر تطرق ذلك إلى بعض أفراده، =