التصرف مع العذوبة الزائدة وحسن السياق مالا يقدر عليه غالب المصنفين، بحيث تعشق الأفهام كلامه، وتميل إليه الأذهان، وتحبه القلوب" (١).
وذلك ظاهر في جميع كتب ابن القيم رحمه الله. ويبرز ذلك في هذا الكتاب أولًا في خطبته النثرية التي جمعت بين وضوح العبارة وعمق الفكرة وجاذبية الأسلوب والعناية بالأساليب البلاغية. أما في القصيدة فتتجلى هذه العناية في صور مختلفة ولكن المعاني هي التي تظلّ دائمًا مقصودة، فلا تجور عليها الصور البيانية.
ونجده رحمه الله يتفنن في تصوير الأفكار والحوادث والقصص التي يوردها، فلما تكلم على مذهب العلاف في الجنّة والنار وفناء حركات أهلهما أجاد تصوير الحال حتى كأن القارئ للأبيات يرى الأمر ويشاهده بالعيان (الأبيات ٧٨ - ٨٧).
وكذلك عندما ذكر فعل النصير الطوسي بالمسلمين في سقوط بغداد أحسن التصوير والوصف. فتبدو للقارئ أحداث التقتيل والبكاء والعويل ماثلة أمامه تتحرك (البيت ٩٣٠ وما بعده) ولاشك أن هذا الفن التصويري يؤثر في عاطفة القارئ ويجعله يقبل الكلام ويقتنع به.
في آخر المنظومة وصف طويل للجنة، ومن فصوله فصل في صفة عرائس الجنّة وحسنهن وجمالهن ... ، يقول الشيخ خليل هراس في