ويكفي دلالة على ضلالهم وسوء حالهم أن أحدهم يتكلم الكلام الطويل في تقرير مسألة أو جواب خصم ثم لا يستشهد في كلامه بآية ولا حديث وإنما يدور كلامه على الهيولى والصورة والعرض والجوهر .. وقرر أرسطو وخالفه إفلاطون وقال سقراط!! ويرى نفسه بذلك من خاصة الخاصة، ويدع كلام الله ورسوله للعوام. وعامة عقلاء هؤلاء إذا وصلوا إلى منتهاه من علم الكلام والبحث والنظر وحل ما يسميه بالطلاسم لم يملكوا إلا الرجوع إلى هدي الكتاب والسنة والوقوف عند حدود الله. كما قال أبو حامد الغزالي (ت ٥٠٥ هـ): "ولم يكن علم الكلام في حقي كافيًا، ولا لدائي الذي كنت أشكو منه شافيًا، ولم يكن في كتب المتكلمين إلا كلمات معقدة مبددة، ظاهرة التناقض والفساد". المنقذ من الضلال للغزالي ص ١٥ - ١٧. ومن كبار المتكلمين أيضًا الفخر الرازي (ت ٦٠٦ هـ) الذي زلّ في مهاوي التأويل والتعطيل، حتى إنه قال في تقديمه لكتابه "أساس التقديس" ص ٩: "الحمد لله .. المتعالي عن شوائب التشبيه والتعطيل، صفاته وأسماؤه، فاستواؤه: قهره واستيلاؤه، ونزوله: بره وعطاؤه، ومجيئه: حكمه وقضاؤه، ووجهه: جوده وحباؤه، وعينه: حفظه واجتباؤه، وضحكه: عفوه أو إذنه وارتضاؤه، ويده: إنعامه ... " إلخ ما قال من التأويل والتعطيل، وكتبه مليئة بما هو أطم من هذا وأعظم، وقد قال عند موته: "لقد تأملت الطرق =