للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَبِي صَخْرٍ حُمَيْدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلَّا رَدَّ اللَّهُ

===

بعد الممات، وأما تخصيصه بالقريب الزائر فكأن المصنف أخذه من أن السلام إذا لم يسمع لا يحتاج إلى رده، فمقتضى أنه يباشر بالرد أنه يسمعه، والسماع عادة يكون في القريب دون البعيد فيخص الحديث بالقريب الزائر فيؤخذ منه جواز الزيارة، ويحتمل أنه أخذ جواز الزيارة من إطلاق "ما من أحد" لأنه يشمل القريب كما يشمل البعيد، وشموله للقريب يكفي في المطلوب، ولا حاجة إلى التخصيص والله تعالى أعلم.

قوله: "إلا رد الله عليّ روحي" من قبيل حذف المعلول وإقامة العلة مقامه، وهذا فن في الكلام شائع في الجزاء والخبر مثل: {فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ} (١)، أي فلا تحزن فقد كذب فحذف الجزاء وأقيم علته مقامه، وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ} (٢) أي نجزيهم ولا نضيع عملهم؛ لأنا لا نضيع فكذلك ها هنا الخبر المحذوف بإقامة العلة مقامه، أي إلا رد - عليه السلام -، فقد رد الله عليَّ روحي بعد الموت فأنا حي أقدر على رد السلام، وقوله: "حتى أرد عليه" أي فبسبب ذلك أرد عليه، فحتى ها هنا حرف ابتداء تفيد السببية مثل مرض فلان حتى لا يرجونه، لا بمعنى كي، فإن أفعاله تعالى لا تعلل بأغراض وإنما يترتب عليه حكم ومصالح، وبهذا اتضح معنى الحديث وضوحًا بينًا، وظهر أن الحديث لا يخالف ما ثبت من حياة الأنبياء


(١) سورة آل عمران: آية (١٨٤).
(٢) سورة الكهف: آية (٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>