العام، لكن الشأن في عموم ترك الوضوء مما غيرت النار؛ لأن قوله:"مما غيرت النار" إن كان متعلقًا بالوضوء يكون رفعًا للإيجاب الكلي، أي ترك أن يتوضأ من كل ما مسته النار، وهذا لا ينافي الوضوء من بعض ما مسته النار، وإن كان متعلقًا بالترك يكون سلبًا كليًّا، أي ترك من كل ما مسته النار الوضوء، واللفظ محتمل فلا دليل فيه بل حمله على المعنى الأول دفعًا للتعارض وتوفيقًا بقدر الإمكان.
على أن حديث الوضوء من لحم الإبل ظاهر في بناء الوضوء من لحم الإبل بعد نسخ الوضوء مما مسته النار، وأن الوضوء من لحم الإبل لم ينسخ حين نسخ الوضوء مما مسته النار، فالقول بنسخه بعيد، ثم قد يقال: لو فرض عموم النسخ في قوله: "ترك الوضوء مما مسته النار، فلا تعارض أيضًا، إذ المتعارف في مثل ترك الوضوء مما مسته النار أنه نسخ الوضوء عنه من حيث كونه مما مسته النار، وهذا لا ينافي الوضوء عن بعضه بسبب آخر، ولا يخفى أن الوضوء من لحم الإبل لو كان لما كان لكونه مما مسته النار وهذا ظاهر، والله تعالى أعلم. وسيجيء في كلام "المصنف" الإشارة إلى رد عموم هذا الحديث بوجه آخر، والله تعالى أعلم.
"ومبارك الإبل" هي المواضع التي تبرك فيها، ومعنى كونها من الشياطين أنها معدودة من جنس الشياطين في التشويش على الإنسان. "ومرابض الغنم" مأواها، ومعنى كونها بركة أنها خير محض لا ضرر معها، والله تعالى أعلم.