للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَاطِبُ؟ » فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ فَإِنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ، وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا، وَإِنَّ قُرَيْشًا لَهُمْ بِهَا قَرَابَاتٌ يَحْمُونَ بِهَا أَهْلِيهِمْ بِمَكَّةَ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ أَنْ أَتَّخِذَ فِيهِمْ يَدًا يَحْمُونَ قَرَابَتِي بِهَا، وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كَانَ بِي مِنْ كُفْرٍ وَلَا ارْتِدَادٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَدَقَكُمْ». فَقَالَ عُمَرُ: دَعْنِي أَضْرِبُ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ شَهِدَ بَدْرًا وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ؟ » فَقَالَ: «اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ».

===

قريش "صدقكم" بتخفيف الدال أي تكلم معكم كلام صدق.

"هذا المنافق" كأنه أراد المنافق عملًا لا اعتقادًا وإلا فهذا الإطلاق ينافي قوله: "صدقكم" فلا يحل بعد ذلك وأما قوله: "فقال: اعملوا" إلخ فلعل المراد به: أنه تعالى علم منهم أنه لا يجيء منهم ما ينافي المغفرة فقال لهم ذلك: "إظهارًا لكمال الرضى عنهم وأنه لا يتوقع منهم بحسب الأعم الأغلب إلا الخير، وأن المعصية إن وقعت من أحدهم فهي نادرة مغفورة بكثرة الحسنات {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} (١)، فهذا كناية عن كمال الرضى عنهم وعن كمال صلاح حالهم وتوفيقهم غالبًا للخير، وليس المقصود به الإذن في المعاصي كيف شاءوا، وهذا كما يقول أحد لخادمه أو امرأته إذا رأى الخير منهما: افعل ما شئت في المال أو البيت، والله تعالى أعلم. والمقصود أن حاطب صار بإرسال الكتاب إليهم جاسوسًا لهم وقد عفا عنه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ولم يقتله.


(١) سورة هود: آية (١١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>