للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«مَنْ طَلَبَ الْقَضَاءَ وَاسْتَعَانَ عَلَيْهِ، وُكِلَ إِلَيْهِ، وَمَنْ لَمْ يَطْلُبْهُ وَلَمْ يَسْتَعِنْ عَلَيْهِ، أَنْزَلَ اللَّهُ مَلَكًا يُسَدِّدُهُ». وَقَالَ وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ بِلَالِ بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقَالَ أَبُو عَوَانَةَ: عَنْ

===

ذلك، و"وكل إلى نفسه" فوض إليها، وهذا كناية عن عدم العون من الله تعالى في معرفة الحق والتوفيق للعمل به، يسدده أي يرشده ويهديه طريق السداد أي الصواب العدل.

"من طلب قضاء" إلخ أي وجه القضاء بينهم أي طلب الحكم الذي يقضي به بالاجتهاد فيه ثم حكم به فله الجنة، و "إلا فله النار" سواء اجتهد أم لا، فإنه لا ينفعه الاجتهاد في طلب الحق إذا لم يعمل به وعدل عنه بل صار حجة عليه، وعلى هذا فلا يتوهم منافاة هذا الحديث لحديث: "من طلب القضاء وكل إلى نفسه" (١) بأن يقال الموكل كيف يغلب عدله، وقيل في دفع المنافاة الطلب هاهنا ما يكون للحق واثقًا من نفسه إقامته وطالبًا لتوفيقه والتأييد من الله، ومثله لا يكون موكولًا إلى نفسه وهو الذي غلب عدله جوره.

وقوله: "من غلب جوره" إشارة إلى من لا يكون حاله كذلك وهو أن يكون موكولًا إلى نفسه، ثم معنى غلب عدله: أي قوى بحيث منعه عن الجور (٢) أصلًا وغلب جوره أي قوي بحيث مال إلى مقتضاه ولو أحيانًا وليس معناه أن يزيد ما عدل فيه على ما جار وبالعكس كما يسبق إلى فهم من لا تحقيق له، وقيل: يمكن أن يكون الحكم للغالب مع وجود الآخر في الجملة والله تعالى أعلم.

"نزلت في يهود" أي فليس معناه أن المسلم بالجور يصير كافرًا.


(١) الترمذي في الأحكام (١٣٢٣)، وابن ماجه (٢٣٠٩)، أحمد في مسند (٣/ ١١٨، ٢٢٠).
(٢) الجور: الظلم. النهاية (١/ ٣١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>