بالسكين أخرى، يفيده قوله:"من صنيع الأعاجم" من عادتهم وعملهم، "الدائمي إذا يضيع" يقال للعمل: الدائمي أي فلا تجعلوا أنتم عادة لكم، "وانهسوه" بفتح السين المهملة وهو أخذه بمقدم الأسنان أهنأ وأمرأ كلاهما بالهمزة، يقال: هنأ الطعام صار هنيئًا ومراءً، صار مريئًا وهو ألا يثقل على المعدة وينهضم عنها طيبًا، وقيل: المراد أنه اللذيذ الموافق للغرض، وقد جاء هذا الحديث عن صفوان بن أمية كما سيذكره المصنف وعن أم سلمة أخرجه الطبراني، فالحكم عليه بالوضع كما فعله ابن الجوزي غير سديد (١)، نعم قد تفرد أبو معشر برواية عائشة وليس بالقوي لكن لا يلزم بذلك الوضع سيما إذا ثبت معناه، وأما دعوى المخالفه بفعله - صلى الله عليه وسلم - فقد عرفت جوابه والله تعالى أعلم.
"عن مطعمين" يحتمل أنه مصدر أو مكان، وقوله:"عن الجلوس" وما عطف عليه يدل عنه، "والجلوس على تلك المائدة" كناية عن الأكل عليها فيكون البدل على الأول بدل العين، وعلى الثاني بدل الاشتمال، "منبطح" بتقديم النون على الموحدة أي مفترش ملتصق بالبطحاء، فإن الشيطان يأكل أي فينبغي للمسلم أن يخالف فعله، والحديث على حقيقته؛ إذ لا بعد في أكل الشيطان وشربه وأن يكون له يدان، وقيل: المراد يحمل أولياؤه على ذلك، والتيامن مطلوب في كل ما كان من جنس الأكل والشرب، فتخصيصهما بالذكر لغاية الاهتمام بهما أو لوقوع التقريب في ذكرهما، "ادن العظم" أمر من الإدناء.
(١) قال الهيثمي (٥/ ٤٠): أورده الطبراني برواية: "لا تقطعوا الخبز كما تقطعه الأعاجم"، وفيه عباد بن كثير الثقفي وهو ضعيف.