والمراد انقياد الناس لهم، ولم يرد الحديث بمدحهم والثناء عليهم بالدين، وعلى هذا فإطلاق اسم الخلافة في هذا الحديث بالمعنى المجازي، وأما حديث الخلافة بعدي ثلاثون، فالمراد خلافة النبوة التي هي الخلافة حقيقة، ورد بأن هذا لا يناسب قوله - صلى الله عليه وسلم - "لا يزال الدين عزيرًا أو قائمًا" أو نحو ذلك، فإنه صريح في مدحهم بأن صلاح الدين وقوة الإسلام في زمانهم وإن كان يناسب رواية "لا يزال أمر الناس ماضيًا".
قلت: وأقبح منه خروج عثمان وعلي عن هؤلاء على ما ذكروا وقرروا، إذ وجود النزاع والخلاف في وقتهما أشهر وأعرف من أن يذكر فتأمل، والأحسن منه أن يقال الحديث إشارة إلى مضمون "خير القرون قرني"(١) الحديث، فإن غالب أخيار هذه القرون كانوا إلى زمن اثنا عشر أميرًا والله تعالى أعلم.
وقيل: المراد بهؤلاء العادلون من الأمر المستحقون لاسم الخلافة على الحقيقة ولا يلزم أن يكونوا على الولاء، بل المراد بيان عددهم إلى قيام الساعة، وقيل: المراد المهدي ومن بعده من الأمراء بعد المهدي يملك من أهل البيت من يبلغ عددهم، هذا العدد ورد بأنه شيء لا يثبت له، وبالجملة، فاستدلال من استدل بالحديث على إمامة علي ومن بعده من أولاده رضي الله عنهم إلى هذا العدد تحكم بحث لا دلالة للحديث عليه، فإنه لا تعيين في الحديث لهؤلاء، وإنما هو
(١) الحديث بتمامه في البخاري في فضائل الصحابة (٣٦٥٠, ٣٦٥١, والرقاق (٦٤٢٨, ٦٤٢٩).