للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ أَوْلَادِ

===

حديث "هم من آبائهم" على الأحكام الدنيوية، كذا قيل، والأقرب في التوفيق أن يقال جاء قوله - صلى الله عليه وسلم -: (هم من آبائهم) علي ما هو الغالب المظنون فيهم، إذ الظاهر أن الولد يتبع الآباء في الدين إن عاش، لكن قد يكون الأمر بخلافه، فأشار - صلى الله عليه وسلم - إلى ذلك التحقيق بقوله: "الله أعلم بما كانوا عاملين"، وإلى ما هو الغالب بقوله: "هم من آبائهم" وبنى ذلك الغالب على هذا التحقيق؛ لأن الناظر إلى هذا التحقيق يفيد ذلك الغالب، وأشار إلى وجه البناء بقوله: "فأبواه يهودانه" ومنع عن الجزم بقوله لعائشة: "أو غير ذلك" وصح في بعض أطفال المؤمنين بالكفر، فقال في الغلام الَّذي قتله الخضر: "طبع كافرًا" وكذا في بعض أطفال الكافرين فقال: "الوائدة والموءودة في النار" وجزم في بعض المشركين بالخير، فقال في رؤياه الطويل: "وأما الرجل الطويل الَّذي في الروضة فإنه إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -، وأما الولدان الذين حوله، فكل مولود مات على الفطرة"، فقال بعض المسلمين": يا رسول الله وأولاد المشركين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وأولاد المشركين" رواه البخاري في صحيحه في كتاب (١) الرؤيا.

فصار الحاصل أنَّه ينبغي التوقف ولا ينبغي الجزم مع كون الغالب هو أن الطفل كالأب، وعلم أن السعادة والشقاوة ليست بالأعمال بل باللطف الرباني والخذلان الإلهي، وعلى هذا فقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (٢) يدل على عذاب الاستيصال في الدنيا؛ لأن حتَّى تقتضي ظاهرًا أن


(١) البخاري في الجنائز (١٣٨٣ - ١٣٨٥)، وفي القدر (٦٥٩٧ - ٦٦٠٠).
(٢) سورة الإسراء: آية (١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>