للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هِلَالٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ، يُحَدِّثُ قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَهُوَ يُحَدِّثُنَا: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْلِسُ مَعَنَا فِي الْمَجْلِسِ يُحَدِّثُنَا، فَإِذَا قَامَ قُمْنَا قِيَامًا حَتَّى نَرَاهُ قَدْ دَخَلَ بَعْضَ بُيُوتِ أَزْوَاجِهِ، فَحَدَّثَنَا يَوْمًا فَقُمْنَا حِينَ قَامَ، فَنَظَرْنَا إِلَى أَعْرَابِيٍّ قَدْ أَدْرَكَهُ فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ فَحَمَّرَ رَقَبَتَهُ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَكَانَ رِدَاءً خَشِنًا، فَالْتَفَتَ، فَقَالَ لَهُ الْأَعْرَابِيُّ: احْمِلْ لِي عَلَى بَعِيرَيَّ هَذَيْنِ فَإِنَّكَ لَا تَحْمِلُ لِي مِنْ مَالِكَ وَلَا مِنْ مَالِ أَبِيكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، لَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، لَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لَا أَحْمِلُ لَكَ حَتَّى تُقِيدَنِي مِنْ جَبْذَتِكَ الَّتِي جَبَذْتَنِي» فَكُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ لَهُ الْأَعْرَابِيُّ: وَاللَّهِ لَا أُقِيدُكَهَا، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، قَالَ: ثُمَّ دَعَا رَجُلًا فَقَالَ لَهُ " احْمِلْ لَهُ عَلَى بَعِيرَيْهِ هَذَيْنِ: عَلَى بَعِيرٍ شَعِيرًا، وَعَلَى الْآخَرِ تَمْرًا " ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا فَقَالَ: «انْصَرِفُوا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ تَعَالَى».

===

كما وهم الجوهري (١)، "فحمر" من التحمير أي جعلها حمراء، "أحمل لي" أعطني من الطعام وغيره ما أحمل عليهما، وهذا من عادة جفاة الأعراب وخشونتهم وعدم تهذيب أخلاقهم، "لا" أي لا أحمل من مالي وأستغفر الله من أن أعتقد ذلك، "لا أحملك"، أي لا أحمل لك كما في نسخة، "حتى تقيدني" من الإقادة، ولعل المراد الإخبار أنه لا يستحق أن يحمل بلا أخذ القود منه، وإلا فقد حمله بلا قود، وفيه دلالة على شرع القود للجبذة، "والله لا أقيدكها" كأنه أراد أنه إكمال كرمه يعفو اليتة، وفي أمثال هذه الأحاديث دليل على أنه لولا المعجزات إلا هذا الخلق كفى شاهدًا على النبوة والله تعالى أعلم.


(١) القاموس المحيط (ص ٤٢٣) ط. الرسالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>