للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٨٦٢ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:

===

٤٨٦٢ - "لا يلدغ" على بناء المفعول "من جحر" بضم جيم وسكون جاء مهملة، قالوا: سببه أن شاعرًا أسر يوم بدر فمنَّ عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أنه لا يهجوه وأطلقه، فلحق بقومه وعاد إلى ما كان فيه، ثم أسر يوم أحد فسأله المن، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا يلدغ. . ." الحديث، ومعناه على مقتضى مورده: أنه ليس من شأن المؤمن على مقتضى إيمانه أن يصدق الكاذب الذي ظهر كذبه مرة ثانية، فينخدع في المرتين، لقوله تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} (١)، وأما الانخداع بوجه آخر والغفلة عن الدنيا، فهو شيء آخر، سيما إذا كان طبعًا، فلعل ذلك هو المراد بما جاء "المؤمن غب كريم والمنافق خب لئيم"، والله تعالى أعلم.

وقال الخطابي: "لا يلدغ" إما بالرفع والمعنى على الخبر أي المؤمن الممدوح هو الكيس الحازم الذي لا يؤتى من ناحية الغفلة، فينخدع مرة بعد أخرى، وهو لا يفطن لذلك ولا يشعر به، وقد قيل إنه أراد الخداع في أمر الآخرة دون أمر الدنيا أو بالكسر على النهي، أي الجزم، إلا أنه كسر العين لالتقاء الساكنين، أي لا يخدعن المؤمن ولا يؤتين من ناحية الغفلة، فيقع في مكروه وشر وهو لا يشعر، وليكن متيقظًا حذرًا، وهذا يصلح أن يكون في أمر الدنيا والآخرة (٢)، يريد أن المعنى أنه لا ينبغي له أن يكون غافلًا، بل ينبغي له أن يكون متيقظًا عاقلًا،


(١) سورة الحجرات: آية (٦).
(٢) معالم السنن (٤/ ١١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>