للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي قَابُوسَ، مَوْلَى لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ ارْحَمُوا أَهْلَ الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ» لَمْ يَقُلْ مُسَدَّدٌ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَقَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

===

جمع راحم في هذا الحديث، ولم يقل الرحماء جمع رحيم؛ وإن كان غالب ما ورد من الرحمة استعمال الرحيم لا الراحم، لأن الرحيم صفة مبالغة، فلو ذكره لاقتضى الاقتصار على المبالغ في الرحمة، فأتي بجمع راحم إشارة إلى من قلت رحمته داخل في هذا الحكم أيضًا، وأما حديث: "إِنما يرحم الله من عباده الرحماء" (١)؛ فاختار فيه جمع الرحيم لمكان ذكر الجلالة وهو دال على العظمة والكبرياء، ولفظ الرحمن دال على العفو، فحيث ذكر لفظ الجلالة يكون الكلام مسوقًا للتعظيم كما يدل عليه الاستقراء؛ فلا يناسب هناك إلا ذكر من كثرت رحمته وعظمت ليكون الكلام جاريًا على نسق العظمة، ولما كان الرحمن دالًّا على المبالغة في العفو ذكر كل ذي رحمة، وإن قلت. اهـ.

قلت: وليس فيه تعرض لموافقة الحكم للواقع، والوجه أن يقال: حيث ذكر الجلالة فالمراد إنما يرحم الله أي بالرحمة العظيمة اللائقة بجنابه الأقدس، ومثل هذه الرحمة ليست إلا للرحماء المبالغين في الرحمة، وحيث ذكر الرحمن، فالمراد رحمة ما، وهي تشمل كل من في قلبه رحمة، إن قلت والله تعالى أعلم.


(١) البخاري في الجنائز (١٢٨٤)، وفي الأيمان (٦٦٥٥)، وفي المرضى (٥٦٥٥)، وفي التوحيد (٧٤٤٨)، ومسلم في الجنائز (٩٢٣)، والنسائي في الجنائز (٤/ ٢٢) حديث رقم (١٨٦٨)، وابن ماجة في الجنائز (١٥٨٨)، وأحمد في مسنده (٥/ ٢٠٤، ٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>