للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

انْصَرَفَ، قَالَ: " إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا

===

الله تعالى عليه وسلم في التخفيف والقيام والركوع وغير ذلك؛ فيكون هذا من قبل: "اقتد بأضعفهم" وقد تقدم قريبًا، ومعلوم أن هذا الحديث لا بد من تأويله لما فيه من أن الناس كانوا يأتمون بأبي بكر، فلولا تأويله يلزم تعدد الأئمة في صلاة واحدة وعند التأويل فليكن التأويل ماذكرنا لما فيه من التوفيق بين حديث: "صلى خلف أبي بكر" وبين حديث "يأتم أبو بكر بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم وكذا بينه وبين حديث: "إذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا" (١) , وأما ثالثًا فلما نقل السيوطي في حاشية الترمذي عن ابن حبان: أنه قال في صحيحه أن الصحابة أجمعوا على أن الإمام إذا صلى قاعدًا كان على المأموم القعود؛ إذ قد أفتى به جابر وأبو هريرة وأسيد بن حضير وقيس بن فهد، ولم يرو عن أحد من الصحابه خلاف لهؤلاء الأربعة لا بإسناد متصل ولا منقطع فصار إجماعًا (٢)، وأما رابعًا فلأن حديث "إذ صلى جالسًا صلوا جلوسًا معه" عن القرائن ما يدل على دوام حكمه، وأنه لا يقبل النسخ لأنه صلى الله تعالى عليه وسلم جعل جلوس المأموم عند جلوس الإمام من جملة الاقتداء بالإمام، فقال: "إنما جعل الإمام ليؤتم به" (٣) ثم أخذ يفسر ذلك بقوله: "فإذا صلى قائمًا فصلوا قيامًا" إلخ، ومعلوم أن الاقتداء بالإمام حكم ثابت دائمًا غير قابل للنسخ, وأيضًا قد نبه على علة عدم


(١) مالك في الموطأ، في صلاة الجماعة ١/ ١٣٥ (١٦, ١٧) , والبخاري في الصلاة (٣٧٨)، ومسلم في الصلاة (٤١١/ ٧٧)، والمصنف (٦٠١).
(٢) صحيح ابن حبان, في الصلاة ١/ ٢٦٩ (٢١٠١).
(٣) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>