للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَلَيْكَ، وَأَنْ نُسَلِّمَ عَلَيْكَ، فَأَمَّا السَّلَامُ، فَقَدْ عَرَفْنَاهُ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ، قَالَ: " قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ

===

سلام بعضهم على بعض وعلى الوجهين لا دلالة في الحديث على كون الصلاة في التشهد، والله تعالى أعلم، وأما تشبيه صلاته صلى الله تعالى عليه وسلم بصلاة إبراهيم فلعله بالنظر إلى ما تفيده واو العطف في قوله: "وآل محمد" من الجمع والمشاركة وعموم الصلاة له صلى الله تعالى عليه وسلم ولأهل بيته، أي أشارك أهل بيته معه في الصلاة عليه عامة له ولأهل بيته، كما صليت على إبراهيم كذلك، فكأنه صلى الله تعالى عليه وسلم لما رأى أن الصلاة عليه من الله تعالى ثابتة على الدوام -كما هو مفاد صيغة المضارع المفيد للاستمرار التجددي في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} (١)، فدعا المؤمنين بمجرد الصلاة عليه قليل الجدوى -بين لهم أن يدعو له بعموم صلاته له ولأهل بيته ليكون دعاهم مستجلبا لفائدة جديدة؛ وهذا هو الموافق لما ذكره علماء المعاني في القيود: أن محط الفائدة في الكلام هو القيد الزائد، وكأنه لهذا خص إبراهيم لأنه كان معلومًا بعموم الصلاة له ولأهل بيته على لسان الملائكة، ولهذا ختم بقوله: "إنك حميد مجيد" كما ختمت الملائكة صلاتهم على أهل بيت إبراهيم بذلك، وقال بعض المحققين وجه الشبه هو كون كل من الصلاتين أفضل وأولى وأتم من صلاة من قبله؛ أي كما صليت على إبراهيم صلاة هي أتم وأفضل من صلاة من قبله، صل على محمد صلاة هي أفضل وأتم من صلاة من قبله، ولك أن تجعل وجه الشبه مجموع الأمرين من العموم والأفضلية؛ والله تعالى أعلم، ثم لعل


(١) سورة الأحزاب: آية (٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>