للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبَيْنَ الضَّبَّةِ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِهَا الِاحْتِيَاجُ إلَيْهَا، ثُمَّ أَلْحَقَ بِهَا الصَّغِيرَةَ الَّتِي لِلزِّينَةِ لِانْتِفَاءِ الْخُيَلَاءِ فِيهَا، وَلَيْسَ مِنْ شَأْنِ الْحَرِيرِ أَنْ يُحْتَاجَ إلَيْهِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ فَجَازَ لِلنِّسَاءِ فَقَطْ، فَإِنْ فُرِضَ حَاجَةٌ إلَيْهِ لِفَقْدِ غَيْرِهِ جَازَ لِلرَّجُلِ أَيْضًا غَيْرُ صَحِيحٍ، وَلَوْ اسْتَنْجَى بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لَمْ يُطْبَعْ وَلَمْ يُهَيَّأْ لِذَلِكَ جَازَ وَإِلَّا حَرُمَ، وَأَجْزَأَ بِخِلَافِ مَا لَا يَقْلَعُ لِمَلَاسَتِهِ أَوْ لِلُزُوجَتِهِ أَوْ رَخَاوَتِهِ أَوْ تَنَاثُرِ أَجْزَائِهِ كَالْفَحْمِ الرَّخْوِ وَالتُّرَابِ الْمُتَنَاثِرِ، وَدَخَلَ فِيمَا ذُكِرَ الْحَجَرُ الثَّانِي أَوْ الثَّالِثُ إذَا لَمْ يَتَلَوَّثْ بِاسْتِعْمَالِهِ (غَيْرِ مُحْتَرَمٍ) فَلَا يَجُوزُ بِالْمُحْتَرَمِ وَلَا يُجْزِئُهُ، وَالْمُحْتَرَمُ أَنْوَاعٌ: مِنْهَا مَا كُتِبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْعِلْمِ كَالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَمَا كَانَ آلَةً لِذَلِكَ، أَمَّا غَيْرُ الْمُحْتَرَمِ كَفَلْسَفَةٍ وَتَوْرَاةٍ وَإِنْجِيلٍ عَلِمَ تَبَدُّلَهُمَا وَخُلُوَّهُمَا عَنْ اسْمٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَلَمْ يُهَيَّأْ لِذَلِكَ) شَمِلَ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ الْمَضْرُوبَةَ فَإِنَّهَا لَمْ تُطْبَعْ لِلِاسْتِنْجَاءِ بَلْ لِلتَّعَامُلِ بِهَا فَيَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهَا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَا يَقْلَعُ) أَيْ فَلَا يُجْزِئُ وَيَحْرُمُ إنْ قَصَدَ بِهِ الْعِبَادَةَ (قَوْلُهُ: لِمَلَاسَتِهِ) كَالْقَصَبِ وَهُوَ كُلُّ نَبَاتٍ ذِي أَنَابِيبَ الْوَاحِدَةُ قَصَبَةٌ وَقَصَبَاتٌ وَالْقَصْبَاءُ جَمَاعَتُهَا وَمَنْبَتُهَا اهـ قَامُوسٌ وَمَحَلُّ عَدَمِ إجْزَاءِ الْقَصَبِ فِي غَيْرِ جُذُورِهِ وَفِيمَا لَمْ يُشْقَقْ (قَوْلُهُ: أَوْ لِلُزُوجَتِهِ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ لَزِجَ الشَّيْءُ تَمَطَّطَ وَتَمَدَّدَ فَهُوَ لَزِجٌ وَبَابُهُ طَرِبَ اهـ وَلَعَلَّ هَذَا غَيْرُ مُرَادٍ هُنَا وَأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ مَا فِيهِ شِبْهُ الرُّطُوبَةِ كَاَلَّذِي يَبْقَى فِي الْجِلْدِ عِنْدَ لِينِهِ قَبْلَ الدَّبْغِ وَفِي الْمِصْبَاحِ: لَزِجَ الشَّيْءُ لَزَجًا مِنْ بَابِ تَعِبَ وَلُزُوجًا إذَا كَانَ فِيهِ وَدَكٌ يَعْلَقُ بِالْيَدِ وَنَحْوِهَا فَهُوَ لَزِجٌ (قَوْلُهُ: وَدَخَلَ فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ جَامِدٍ طَاهِرٍ قَالِعٍ (قَوْلُهُ: غَيْرَ مُحْتَرَمٍ) قَضِيَّةُ حَصْرِ الْمُحْتَرَمِ فِيمَا ذَكَرَ إجْزَاءُ الِاسْتِنْجَاءِ بِأَجْزَاءِ الْمَسْجِدِ وَلَوْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَإِنْ حَرُمَ اسْتِعْمَالُهَا لِعَدَمِ مِلْكِ الْمُسْتَنْجِي لَهَا وَكَوْنِهَا وَقْفًا مَثَلًا بَلْ وَبِالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ نَفْسِهِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ عَنْ الشَّامِلِ.

وَفِي سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ: وَفِي إجْزَاءِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ نَظَرٌ اهـ.

أَقُولُ: وَاَلَّذِي يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ عَدَمُ إجْزَائِهِ لِأَنَّهُ لَا يُنْسَبُ لِلْحَرَمِ إلَّا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ فِيهِ، وَإِلَّا فَلَيْسَ هُوَ مِنْ حِجَارَةِ الْحَرَمِ بِوَجْهٍ وَلَهُ شَرَفٌ لَا يَثْبُتُ فِي غَيْرِهِ، بَلْ احْتِرَامُهُ أَقْوَى مِنْ احْتِرَامِ مَا كُتِبَ عَلَيْهِ اسْمُ صَالِحٍ مِنْ صُلَحَاءِ الْمُؤْمِنِينَ.

وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مَا يُوَافِقُهُ، وَقَضِيَّةُ الْحَصْرِ أَيْضًا إجْزَاءُ فَضَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنَاءً عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ طَهَارَتِهَا (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ بِالْمُحْتَرَمِ) وَاعْلَمْ أَنَّ الزَّرْكَشِيَّ بَحَثَ تَخْصِيصَ حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ الْمَطْعُومِ بِالِاسْتِنْجَاءِ حَتَّى يَجُوزَ إزَالَةُ الدَّمِ بِالْمِلْحِ، وَقَضِيَّتُهُ جَوَازُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ بِالْخُبْزِ وَاسْتَبْعَدَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.

وَقَالَ م ر: يَنْبَغِي الْجَوَازُ حَيْثُ اُحْتِيجَ إلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

وَقَوْلُ سم اُحْتِيجَ إلَيْهِ: أَيْ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ أَوْ كَانَ هُوَ أَسْرَعُ أَوْ أَقْوَى تَأْثِيرًا فِي الْإِزَالَةِ مِنْ غَيْرِهِ.

وَقَالَ حَجّ بَعْدَ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ: وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّ النَّجِسَ إنْ تَوَقَّفَ زَوَالُهُ عَلَى نَحْوِ مِلْحٍ مِمَّا اُعْتِيدَ امْتِهَانُهُ جَازَ لِلْحَاجَةِ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: مَا كُتِبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْعِلْمِ) أَيْ أَوْ الْقُرْآنِ وَلَوْ بِقَلَمٍ هِنْدِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: عُلِمَ تَبَدُّلُهُمَا)

ــ

[حاشية الرشيدي]

لِذَلِكَ حَرُمَ، وَالْإِطْلَاقُ يُخَالِفُهُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ وَقْفَةٌ إذَا اتَّخَذَ لَهُ نَحْوَ مِنْدِيلٍ مِنْهُ لِأَجْلِ الِاسْتِنْجَاءِ بِهِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ صَحِيحٍ) وَجْهُ عَدَمِ صِحَّتِهِ أَنَّ الِاحْتِيَاجَ فِي مَسْأَلَةِ الضَّبَّةِ إنَّمَا هُوَ لِأَصْلِ الضَّبَّةِ لَا بِخُصُوصِ كَوْنِهَا مِنْ فِضَّةٍ، فَهُوَ نَظِيرُ مَا نَحْنُ فِيهِ، بَلْ الْحَاجَةُ هُنَا أَشَدُّ إذْ الِاسْتِنْجَاءُ فِي حَدِّ ذَاتِهِ وَاجِبٌ، بِخِلَافِ إصْلَاحِ الْإِنَاءِ فَإِنْ فُرِضَ فَقْدُ غَيْرِ الْفِضَّةِ فَلَا فَرْقَ أَيْضًا كَمَا اعْتَرَفَ هُوَ بِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُطْبَعْ وَلَمْ يُهَيَّأْ) الْعَطْفُ هُنَا عَطْفٌ غَيْرُ مُغَايِرٍ، فَإِنَّ الطَّبْعَ بِمُجَرَّدِهِ كَافٍ فِي الْحُرْمَةِ، إذْ مَحَلُّ الْجَوَازِ فِي قِطْعَةٍ مِنْ أَحَدِهِمَا خَشِنَةٍ، كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَلَمْ تُهَيَّأَ لِذَلِكَ مَعْنَاهُ: أَنَّهُ أَخَذَ قِطْعَةً مِنْ أَحَدِهِمَا مِنْ غَيْرِ طَبْعٍ وَاِتَّخَذَهَا لِلِاسْتِنْجَاءِ بِهَا، وَإِلَّا فَالطَّبْعُ كَافٍ فِي الْحُرْمَةِ كَمَا مَرَّ وَقَدَّمْنَا فِي الْآنِيَةِ عِبَارَةَ التُّحْفَةِ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَالْحَدِيثِ، وَالْفِقْهِ) حَالٌ مُقَيِّدَةٌ لِلْعِلْمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>