اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُخْبِرُ أَنَّهُ لَا يُخَالِفُهُمَا لَوْ اتَّفَقَا، وَمَنْ يَقُولُ قَوْلَهُمَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ يُجَوِّزُ مُخَالَفَتَهُمَا، وَبَعْضُ غُلَاتِهِمْ يَقُولُ: لَا يَجُوزُ الْأَخْذُ بِقَوْلِهِمَا وَيَجِبُ الْأَخْذُ بِقَوْلِ إمَامِنَا الَّذِي قَلَّدْنَاهُ، وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي كُتُبِهِمْ.
الْوَجْهُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَظَرَ إلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَالَ هَذَانِ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ» أَيْ هُمَا مِنِّي بِمَنْزِلَةِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ، أَوْ هُمَا مِنْ الدِّينِ بِمَنْزِلَةِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ، وَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ يُحْرَمَ سَمْعُ الدِّينِ وَبَصَرُهُ الصَّوَابَ وَيَظْفَرَ بِهِ مَنْ بَعْدَهُمَا.
الْوَجْهُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ: مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ غُضَيْفِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: «مَرَّ فَتًى عَلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فَقَالَ عُمَرُ: نِعْمَ الْفَتَى، قَالَ: فَتَبِعَهُ أَبُو ذَرٍّ، فَقَالَ: يَا فَتَى اسْتَغْفِرْ لِي، فَقَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ أَسْتَغْفِرُ لَك، وَأَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ: اسْتَغْفِرْ لِي، قَالَ: لَا أَوْ تُخْبِرَنِي، قَالَ: إنَّك مَرَرْت عَلَى عُمَرَ فَقَالَ: نِعْمَ الْفَتَى، وَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ إنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ» وَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ يَكُونَ الْخَطَأُ فِي مَسْأَلَةٍ أَفْتَى بِهَا مَنْ جَعَلَ اللَّهُ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِهِ وَقَلْبِهِ حَظَّهُ وَلَا يُنْكِرُهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَيَكُونُ الصَّوَابُ فِيهَا حَظُّ مَنْ بَعْدَهُ، هَذَا مِنْ أَبْيَنِ الْمُحَالِ.
الْوَجْهُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ: مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَدْ كَانَ فِيمَنْ خَلَا مِنْ الْأُمَمِ أُنَاسٌ مُحَدَّثُونَ، فَإِنْ يَكُنْ فِي أُمَّتِي أَحَدٌ فَهُوَ عُمَرُ» ، وَهُوَ فِي الْمُسْنَدِ وَالتِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْمُحَدَّثُ: هُوَ الْمُتَكَلِّمُ الَّذِي يُلْقِي اللَّهُ فِي رُوعِهِ الصَّوَابَ يُحَدِّثُهُ بِهِ الْمَلَكُ عَنْ اللَّهِ، وَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ يَخْتَلِفَ هَذَا وَمَنْ بَعْدَهُ فِي مَسْأَلَةٍ وَيَكُونُ الصَّوَابُ فِيهَا مَعَ الْمُتَأَخِّرِ دُونَهُ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْغَيْرُ هُوَ الْمُحَدَّثُ بِالنِّسْبَةِ إلَى هَذَا الْحُكْمِ دُونَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَهَذَا، وَإِنْ أَمْكَنَ فِي أَقْرَانِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو عَصْرُهُمْ مِنْ الْحَقِّ إمَّا عَلَى لِسَانِ عُمَرَ، وَإِمَّا عَلَى لِسَانِ غَيْرِهِ مِنْهُمْ، وَإِنَّمَا الْحَالُ أَنْ يُفْتِيَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْمُحَدَّثُ بِفَتْوَى أَوْ يَحْكُمَ بِحُكْمٍ وَلَا يَقُولُ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ غَيْرَهُ وَيَكُونُ خَطَأً ثُمَّ يُوَفَّقُ لَهُ مَنْ بَعْدَهُمْ فَيُصِيبُ الْحَقَّ وَيُخْطِئُهُ الصَّحَابَةُ.
الْوَجْهُ الثَّلَاثُونَ: مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ مِشْرَحِ بْنِ هَاعَانَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «لَوْ كَانَ بَعْدِي نَبِيٌّ لَكَانَ عُمَرُ» وَفِي لَفْظٍ «لَوْ لَمْ أُبْعَثْ فِيكُمْ لَبُعِثَ فِيكُمْ عُمَرُ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ يَخْتَلِفَ مَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute