للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا شَأْنُهُ وَمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي حُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِ الدِّينِ وَيَكُونُ حَظُّ عُمَرَ مِنْهُ الْخَطَأَ وَحَظُّ ذَلِكَ الْمُتَأَخِّرِ مِنْهُ الصَّوَابَ.

الْوَجْهُ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ: مَا رَوَى إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ عَلِيًّا كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ قَالَ: مَا كُنَّا نُبْعِدُ أَنَّ السَّكِينَةَ تَنْطِقُ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ، وَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ يَكُونَ مَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ أَسْعَدُ بِالصَّوَابِ مِنْهُ فِي أَحْكَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَوَاهُ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَلِيٍّ.

الْوَجْهُ الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ: مَا رَوَاهُ وَاصِلٌ الْأَحْدَبُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: مَا رَأَيْت عُمَرَ إلَّا وَكَأَنَّ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَلَكًا يُسَدِّدُهُ. وَمَعْلُومٌ قَطْعًا أَنَّ هَذَا أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِمَّنْ لَيْسَ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ: مَا رَوَاهُ الْأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَاَللَّهِ لَوْ أَنَّ عِلْمَ عُمَرَ وُضِعَ فِي كِفَّةِ مِيزَانٍ وَجُعِلَ عِلْمُ أَهْلِ الْأَرْضِ فِي كِفَّةٍ لَرَجَحَ عِلْمُ عُمَرَ، فَذَكَرْت ذَلِكَ لِإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، فَقَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَاَللَّهِ إنِّي لَأَحْسَبُ عُمَرَ ذَهَبَ بِتِسْعَةِ أَعْشَارِ الْعِلْمِ، وَمِنْ أَبْعَدِ الْأُمُورِ أَنْ يَكُونَ الْمُخَالِفُ لِعُمَرَ بَعْدَ انْقِرَاضِ عَصْرِ الصَّحَابَةِ أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنْهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ.

الْوَجْهُ الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ: مَا رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ إذَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ، وَكَانَ فِي الْقُرْآنِ أَوْ السُّنَّةِ قَالَ بِهِ، وَإِلَّا قَالَ بِمَا قَالَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَالَ بِرَأْيِهِ، فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ - وَاتِّبَاعُهُ لِلدَّلِيلِ وَتَحْكِيمُهُ لِلْحُجَّةِ مَعْرُوفٌ، حَتَّى إنَّهُ يُخَالِفُ لِمَا قَامَ عِنْدَهُ مِنْ الدَّلِيلِ أَكَابِرَ الصَّحَابَةِ - يَجْعَلُ قَوْلَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ حُجَّةً يُؤْخَذُ بِهَا بَعْدَ قَوْلِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَمْ يُخَالِفْهُ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ.

الْوَجْهُ الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ: مَا رَوَاهُ مَنْصُورٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَضِيت لِأُمَّتِي مَا رَضِيَ لَهَا ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ» كَذَا رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ يَعْلَى الْمُحَارِبِيُّ عَنْ زَيْدٍ عَنْ مَنْصُورٍ، وَالصَّوَابُ مَا رَوَاهُ إسْرَائِيلُ وَسُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُرْسَلًا، وَلَكِنْ قَدْ رَوَى جَعْفَرُ بْنُ عَوْفٍ عَنْ الْمَسْعُودِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ اقْرَأْ عَلَيَّ قَالَ: أَقْرَأُ وَعَلَيْك أُنْزِلَ؟ قَالَ: إنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي، فَافْتَتَحَ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى إذَا بَلَغَ {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا} [النساء: ٤١] فَاضَتْ عَيْنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>