رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَلَّمَ وَكَفَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَكَلَّمَ فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ، وَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ، وَصَلَّى عَلَى نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَشَهِدَ شَهَادَةَ الْحَقِّ، وَقَالَ: رَضِينَا بِاَللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَرَضِيتُ لَكُمْ مَا رَضِيَ لَكُمْ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ» وَمَنْ قَالَ لَيْسَ قَوْلُهُ بِحُجَّةٍ، وَإِذَا خَالَفَهُ غَيْرُهُ مِمَّنْ بَعْدَهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الصَّوَابُ فِي قَوْلِ الْمُخَالِفِ لَهُ لَمْ يَرْضَ لِلْأُمَّةِ مَا رَضِيَهُ لَهُمْ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ وَلَا مَا رَضِيَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
الْوَجْهُ السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ: مَا رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ " قَدْ بَعَثْت إلَيْكُمْ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ أَمِيرًا، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ مُعَلِّمًا وَوَزِيرًا، وَهُمَا مِنْ النُّجَبَاءِ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، فَاقْتَدُوا بِهِمَا، وَاسْمَعُوا قَوْلَهُمَا، وَقَدْ آثَرْتُكُمْ بِعَبْدِ اللَّهِ عَلَى نَفْسِي " فَهَذَا عُمَرُ قَدْ أَمَرَ أَهْلَ الْكُوفَةِ أَنْ يَقْتَدُوا بِعَمَّارٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَيَسْمَعُوا قَوْلَهُمَا، وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ قَوْلَهُمَا حُجَّةً يَقُولُ: لَا يَجِبُ الِاقْتِدَاءُ بِهِمَا وَلَا سَمَاعُ أَقْوَالِهِمَا إلَّا فِيمَا أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ لَا اخْتِصَاصَ لَهُمَا بِهِ، بَلْ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ غَيْرِهِمَا مِنْ سَائِرِ الْأُمَّةِ.
الْوَجْهُ السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ: مَا قَالَهُ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ وَغَيْرُهُ: بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَنْ نَقُولَ بِالْحَقِّ حَيْثُ كُنَّا، وَلَا نَخَافَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ وَنَحْنُ نَشْهَدُ [بِاَللَّهِ] أَنَّهُمْ وَفَّوْا بِهَذِهِ الْبَيْعَةِ، وَقَالُوا بِالْحَقِّ، وَصَدَعُوا بِهِ، وَلَمْ تَأْخُذْهُمْ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ، وَلَمْ يَكْتُمُوا شَيْئًا مِنْهُ مَخَافَةَ سَوْطٍ وَلَا عَصًا وَلَا أَمِيرٍ وَلَا وَالٍ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ مِنْ هَدْيِهِمْ وَسِيرَتِهِمْ، فَقَدْ أَنْكَرَ أَبُو سَعِيدٍ عَلَى مَرْوَانَ، وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَأَنْكَرَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَهُوَ خَلِيفَةٌ، وَأَنْكَرَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى الْحَجَّاجِ مَعَ سَطْوَتِهِ وَبَأْسِهِ، وَأَنْكَرَ عَلَى عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَهَذَا كَثِيرٌ جِدًّا مِنْ إنْكَارِهِمْ عَلَى الْأُمَرَاءِ وَالْوُلَاةِ إذَا خَرَجُوا عَنْ الْعَدْلِ لَمْ يَخَافُوا سَوْطَهُمْ وَلَا عُقُوبَتَهُمْ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ هَذِهِ الْمَنْزِلَةِ، بَلْ كَانُوا يَتْرُكُوهُ كَثِيرًا مِنْ الْحَقِّ خَوْفًا مِنْ وُلَاةِ الظُّلْمِ وَأُمَرَاءِ الْجَوْرِ، فَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ يُوَفَّقَ هَؤُلَاءِ لِلصَّوَابِ وَيُحْرَمَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
الْوَجْهُ الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ: مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ رَقِيَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ: إنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ: بَلْ نَفْدِيَك بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا، فَعَجِبْنَا لِبُكَائِهِ أَنْ يُخْبِرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ رَجُلٍ خُيِّرَ فَكَانَ الْمُخَيَّرُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا بِهِ» ، وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيْنَا فِي صُحْبَتِهِ وَذَاتِ يَدِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْت مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ خَلِيلًا لَاتَّخَذْت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute