فَجَمَعَ النَّاسَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَامْتَلَأَ الْمَسْجِدُ وَقَعَدُوا عَلَى الشُّرَفِ، فَقَالَ: إنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ أَعْمَلَ بِهِنَّ وَآمُرَكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا بِهِنَّ: أُولَاهُنَّ: أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَإِنَّ مَثَلَ مَنْ أَشْرَكَ بِاَللَّهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ. فَقَالَ: هَذِهِ دَارِي وَهَذَا عَمَلِي، فَاعْمَلْ وَأَدِّ إلَيَّ، فَكَانَ يَعْمَلُ وَيُؤَدِّي إلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ، فَأَيُّكُمْ يَرْضَى أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ كَذَلِكَ؟ وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِالصَّلَاةِ، فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَلَا تَلْتَفِتُوا، فَإِنَّ اللَّهَ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ فِي صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ، وَأَمَرَكُمْ بِالصِّيَامِ، فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ فِي عِصَابَةٍ مَعَهُ صُرَّةٌ فِيهَا مِسْكٌ، وَكُلُّهُمْ يُعْجِبُهُ رِيحُهَا، وَإِنَّ رِيحَ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، وَأَمَرَكُمْ بِالصَّدَقَةِ، فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ فَأَوْثَقُوا يَدَيْهِ إلَى عُنُقِهِ وَقَدَّمُوهُ لِيَضْرِبُوا عُنُقَهُ، فَقَالَ: أَنَا أَفْتَدِي مِنْكُمْ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ، فَفَدَى نَفْسَهُ مِنْهُمْ، وَأَمَرَكُمْ أَنْ تَذْكُرُوا اللَّهَ، فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ خَرَجَ الْعَدُوُّ فِي أَثَرِهِ سِرَاعًا حَتَّى إذَا أَتَى عَلَى حِصْنٍ حَصِينٍ فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ مِنْهُمْ، كَذَلِكَ الْعَبْدُ لَا يُحْرِزُ نَفْسَهُ مِنْ الشَّيْطَانِ إلَّا بِذِكْرِ اللَّهِ، قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَأَنَا آمُرُكُمْ بِخَمْسٍ اللَّهُ أَمَرَنِي بِهِنَّ: السَّمْعِ، وَالطَّاعَةِ، وَالْجِهَادِ، وَالْهِجْرَةِ، وَالْجَمَاعَةِ؛ فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ قَيْدَ شِبْرٍ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ عَنْ عُنُقِهِ إلَّا أَنْ يُرَاجِعَ. وَمَنْ ادَّعَى دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُ مِنْ جُثَاءِ جَهَنَّمَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنْ صَلَّى وَإِنْ صَامَ؟ فَقَالَ: وَإِنْ صَلَّى وَإِنْ صَامَ، فَادْعُوا بِدَعْوَى اللَّهِ الَّذِي سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمِينَ الْمُؤْمِنِينَ عِبَادَ اللَّهِ» ، حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ يَمْحُوَا اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا وَمَثَّلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُؤْمِنَ الْقَارِئَ لِلْقُرْآنِ بِالْأُتْرُجَّةِ فِي طِيبِ الطَّعْمِ وَالرِّيحِ، وَضِدَّهُ بِالْحَنْظَلَةِ، وَالْمُؤْمِنَ الَّذِي لَا يَقْرَأُ بِالتَّمْرَةِ فِي طِيبِ الطَّعْمِ وَعَدَمِ الرِّيحِ، وَالْفَاجِرَ الْقَارِئَ بِالرَّيْحَانَةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَّلَ الْمُؤْمِنَ بِالْخَامَةِ مِنْ الزَّرْعِ لَا تَزَالُ الرِّيَاحُ تُمِيلُهَا وَلَا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ يُصِيبُهُ الْبَلَاءُ، وَمَثَّلَ الْمُنَافِقَ بِشَجَرَةِ الْأَرْزِ - وَهِيَ الصَّنَوْبَرَةُ - لَا تَهْتَزُّ وَلَا تَمِيلُ حَتَّى تُقْطَعَ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَمَثَّلَ الْمُؤْمِنَ بِالنَّخْلَةِ فِي كَثْرَةِ خَيْرِهَا وَمَنَافِعِهَا وَحَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهَا وَانْتِيَابِهِمْ لَهَا لِمَنَافِعِهِمْ بِهَا، وَشَبَّهَ أُمَّتَهُ بِالْمَطَرِ فِي نَفْعِ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ وَحَيَاةِ الْوُجُودِ بِهِ، وَمَثَّلَ أُمَّتَهُ وَالْأُمَّتَيْنِ الْكِتَابِيَّتَيْنِ قَبْلَهَا فِيمَا خَصَّ اللَّهُ بِهِ أُمَّتَهُ وَأَكْرَمَهَا بِهِ بِأُجَرَاءَ عَمِلُوا بِأَجْرٍ مُسَمًّى لِرَجُلٍ يَوْمًا عَلَى أَنْ يُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ، فَلَمْ يُكْمِلُوا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمْ وَتَرَكُوا الْعَمَلَ مِنْ أَثْنَاءِ النَّهَارِ، فَعَمِلَتْ أُمَّتُهُ بَقِيَّةَ النَّهَارِ فَاسْتَكْمَلُوا أَجْرَ الْفَرِيقَيْنِ، وَضَرَبَ لَهُ وَلِأُمَّتِهِ جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ مَثَلَ مَلِكٍ اتَّخَذَ دَارًا، ثُمَّ ابْتَنَى فِيهَا بَيْتًا، ثُمَّ جَعَلَ مَائِدَةً، ثُمَّ بَعَثَ رَسُولًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute