للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّتِي رَوَاهَا عَنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ نَفْسًا مِنْ الصَّحَابَةِ: «أَنَّهُ كَانَ يُسَلِّمُ فِي الصَّلَاةِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ» مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَجَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ وَوَائِلُ بْنُ حُجْرٌ وَأَبُو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ وَعَدِيُّ بْنُ عَمِيرَةَ الضَّمْرِيُّ وَطَلْقُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَوْسُ بْنُ أَوْسٍ وَأَبُو رِمْثَةَ، وَالْأَحَادِيثُ بِذَلِكَ مَا بَيْنَ صَحِيحٍ وَحَسَنٍ، فَرُدَّ ذَلِكَ بِخَمْسَةِ أَحَادِيثَ مُخْتَلَفٌ فِي صِحَّتِهَا؛ أَحَدُهَا: حَدِيثُ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كَانَ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالثَّانِي: حَدِيثُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كَانَ يُسَلِّمُ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ» الثَّالِثُ: حَدِيثُ عَبْدِ الْمُهَيْمِنِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: «أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً لَا يَزِيدُ عَلَيْهَا» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، الرَّابِعُ: حَدِيثُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُسَلِّمُ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي الصَّلَاةِ قِبَلَ وَجْهِهِ؛ فَإِذَا سَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ سَلَّمَ عَنْ يَسَارِهِ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، الْخَامِسُ: حَدِيثُ يَحْيَى بْنِ رَاشِدٍ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ: «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُسَلِّمُ مَرَّةً وَاحِدَةً» . وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ لَا تُقَاوِمُ تِلْكَ وَلَا تُقَارِبُهَا حَتَّى تُعَارَضَ بِهَا. أَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَحَدِيثٌ مَعْلُولٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ.

قَالَ الْبُخَارِيُّ: زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ يَرْوِي مَنَاكِيرَ، وَقَالَ يَحْيَى: ضَعِيفٌ، وَالْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْهُ.

قَالَ الطَّحَاوِيُّ: هُوَ وَإِنْ كَانَ ثِقَةً فَإِنَّ رِوَايَةَ عَمْرِو بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْهُ تَضْعُفُ جِدًّا. وَهَكَذَا قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ فِيمَا حَكَى لِي عَنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْهُمْ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَزَعَمَ أَنَّ فِيهَا تَخْلِيطًا كَثِيرًا قَالَ: وَالْحَدِيثُ أَصْلُهُ مَوْقُوفٌ عَلَى عَائِشَةَ، هَكَذَا رَوَاهُ الْحَافِظُ.

فَإِنْ قِيلَ: فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ فَبِمَنْ نُعَارِضُهَا فِي ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قِيلَ لَهُ: بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، وَذَكَرَ الْأَسَانِيدَ عَنْهُمْ بِذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: فَهَؤُلَاءِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَعَمَّارٌ وَمَنْ ذَكَرْنَا مَعَهُمْ يُسَلِّمُونَ عَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ، وَلَا يُنْكِرُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ غَيْرُهُمْ، عَلَى قُرْبِ عَهْدِهِمْ بِرُؤْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَحِفْظِهِمْ لِأَفْعَالِهِ، فَمَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ خِلَافُهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ رَوَى فِي ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَكَيْفَ وَقَدْ رَوَى عَنْهُ مَا يُوَافِقُ فِعْلَهُمْ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>