وَأَمَّا حَدِيثُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَحَدِيثٌ مَعْلُولٌ، بَلْ بَاطِلٌ، وَالدَّلِيلُ عَلَى بُطْلَانِهِ أَنَّ الَّذِي رَوَاهُ هَكَذَا الدَّرَاوَرْدِيُّ خَاصَّةً، وَقَدْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ جَمِيعَ مَنْ رَوَاهُ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، ثُمَّ قَدْ رَوَاهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدٍ كَمَا رَوَاهُ النَّاسُ.
«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ، وَعَنْ يَسَارِهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ؛ فَقَدْ صَحَّ رِوَايَةُ سَعْدٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَلَّمَ تَسْلِيمَتَيْنِ» وَمَعَهُ مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ الصَّحَابَةِ، وَبَانَ بِذَلِكَ بُطْلَانُ رِوَايَةِ الدَّرَاوَرْدِيِّ. وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ الْمُهَيْمِنِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ فَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: عَبْدُ الْمُهَيْمِنِ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: بَطَلَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ. وَأَمَّا حَدِيثُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْحَسَنِ فَمِنْ رِوَايَةِ رَوْحٍ ابْنِهِ عَنْهُ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَتَرَكَهُ يَحْيَى. وَأَمَّا حَدِيثُ يَحْيَى بْنِ رَاشِدٍ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى سَلَمَةَ فَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: يَحْيَى بْنُ رَاشِدٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَقَالَ النَّسَائِيّ: ضَعِيفٌ
، وَقَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ «كَانَ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً» مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَمِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، إلَّا أَنَّهَا مَعْلُولَةٌ لَا يُصَحِّحُهَا أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ سَعْدٍ أَخْطَأَ فِيهِ الدَّرَاوَرْدِيُّ، فَرَوَاهُ عَلَى غَيْرِ مَا رَوَاهُ النَّاسُ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ، وَغَيْرُهُ يَرْوِي فِيهِ بِتَسْلِيمَتَيْنِ، ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَهُ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يُسَلِّمُ فِي الصَّلَاةِ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً» ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا وَهْمٌ عِنْدَهُمْ وَغَلَطٌ، وَإِنَّمَا الْحَدِيثُ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَغَيْرُهُ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ «كَانَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ» وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ بِالتَّسْلِيمَتَيْنِ مِنْ طَرِيقِ مُصْعَبٍ، ثُمَّ سَاقَ طُرُقَهُ بِالتَّسْلِيمَتَيْنِ عَنْ سَعْدٍ، ثُمَّ سَاقَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ مُصْعَبٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى صَفْحَةِ خَدِّهِ» فَقَالَ الزُّهْرِيُّ: مَا سَمِعْنَا هَذَا مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ لَهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَكُلَّ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمِعْت؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَنِصْفَهُ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَاجْعَلْ هَذَا فِي النِّصْفِ الَّذِي لَمْ تَسْمَعْ قَالَ: وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً» فَلَمْ يَرْفَعْهُ أَحَدٌ إلَّا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَحْدَهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، رَوَاهُ عَنْهُ عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute