رِوَايَةِ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ حَدِيث إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، وَسَمِعْت مُحَمَّدَ بْنَ إسْمَاعِيلَ يَقُولُ: إنَّ إسْمَاعِيلَ بْنَ عَيَّاشٍ يَرْوِي عَنْ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ أَحَادِيثَ مَنَاكِيرَ، كَأَنَّهُ يُضَعِّفُ رِوَايَتَهُ عَنْهُمْ فِيمَا يَنْفَرِدُ بِهِ، وَقَالَ: إنَّمَا هُوَ حَدِيثُ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ أَهْلِ الشَّامِ، انْتَهَى.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا: إذَا حَدَّثَ عَنْ أَهْلِ بَلَدِهِ فَصَحِيحٌ، وَإِذَا حَدَّثَ عَنْ غَيْرِهِمْ فَفِيهِ نَظَرٌ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: مَا كَانَ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِحَدِيثِ أَهْلِ الشَّامِ مِنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ لَوْ ثَبَتَ فِي حَدِيثِ أَهْلِ الشَّامِ، وَلَكِنَّهُ خَلَطَ فِي حَدِيثِ أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَحَدَّثَنَا عَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ثُمَّ ضَرَبَ عَلَى حَدِيثِهِ؛ فَإِسْمَاعِيلُ عِنْدِي ضَعِيفٌ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: عَرَضْت عَلَى أَبِي حَدِيثًا حَدَّثَنَاهُ الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ الضَّبِّيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ عَيَّاشٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «لَا تَقْرَأْ الْحَائِضُ وَلَا الْجُنُبُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ» فَقَالَ أَبِي: هَذَا بَاطِلٌ، يَعْنِي أَنَّ إسْمَاعِيلَ وَهِمَ.
وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ الْحَدِيثُ لَمْ يَبْقَ مَعَ الْمَانِعِينَ حُجَّةٌ إلَّا الْقِيَاسُ عَلَى الْجُنُبِ، وَالْفَرْقُ الصَّحِيحُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْجُنُبِ مَانِعٌ مِنْ الْإِلْحَاقِ، وَذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ؛ أَحَدُهَا: أَنَّ الْجُنُبَ يُمْكِنُهُ التَّطَهُّرُ مَتَى شَاءَ بِالْمَاءِ أَوْ بِالتُّرَابِ فَلَيْسَ لَهُ عُذْرٌ فِي الْقِرَاءَةِ مَعَ الْجَنَابَةِ بِخِلَافِ الْحَائِضِ، وَالثَّانِي: أَنَّ الْحَائِضَ يُشْرَعُ لَهَا الْإِحْرَامُ وَالْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَتَوَابِعُهُ مَعَ الْحَيْضِ بِخِلَافِ الْجُنُبِ، الثَّالِثُ: أَنَّ الْحَائِضَ يُشْرِعُ لَهَا أَنْ تَشْهَدَ الْعِيدَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَتَعْتَزِلَ الْمُصَلَّى بِخِلَافِ الْجُنُبِ.
وَقَدْ تَنَازَعَ مَنْ حَرَّمَ عَلَيْهَا الْقِرَاءَةَ: هَلْ يُبَاحُ لَهَا أَنْ تَقْرَأَ بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ وَقَبْلَ الِاغْتِسَالِ؟ عَلَى ثَلَاثِهِ أَقْوَالٍ؛ أَحَدُهَا: الْمَنْعُ مُطْلَقًا وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ؛ لِأَنَّهَا بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ تَصِيرُ كَالْجُنُبِ؛ الثَّانِي: الْجَوَازُ مُطْلَقًا وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى، قَالَ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ؛ وَالثَّالِثُ: إبَاحَتُهُ لِلنُّفَسَاءِ وَتَحْرِيمُهُ عَلَى الْحَائِضِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْخَلَّالِ؛ فَالْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، فَإِذَا لَمْ تُمْنَعْ الْحَائِضُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لِحَاجَتِهَا إلَيْهِ فَعَدَمُ مَنْعِهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَنْ الطَّوَافِ الَّذِي هِيَ أَشَدُّ حَاجَةً إلَيْهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى
فَصْلٌ
هَذَا إذَا كَانَ الْمَنْعُ مِنْ طَوَافِهَا لِأَجْلِ الْمَنْعِ مِنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ أَوْ لِأَجْلِ الْحَيْضِ وَمُنَافَاتِهِ لِلطَّوَافِ، فَإِنْ قِيلَ بِالتَّقْدِيرِ الثَّالِثِ وَهُوَ أَنَّهُ لِمَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ بِحَيْثُ إذَا انْفَرَدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute