للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَافِرٌ، وَمَنْ حَمَلَهُ مِنْ كُورَةٍ إلَى كُورَةٍ فَهُوَ كَافِرٌ، وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَرَضِيَ بِهِ فَهُوَ كَافِرٌ، وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ عَنْ شَقِيقِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ: إنَّ ابْنَ الْمُبَارَكِ قَالَ فِي قِصَّةِ بِنْتِ أَبِي رَوْحٍ حَيْثُ أُمِرَتْ بِالِارْتِدَادِ، وَذَلِكَ فِي أَيَّامِ أَبِي غَسَّانَ، فَذَكَرَ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَهُوَ مُغْضَبٌ: أَحْدَثُوا فِي الْإِسْلَامِ، وَمَنْ كَانَ أَمَرَ بِهَذَا فَهُوَ كَافِرٌ، وَمَنْ كَانَ هَذَا الْكِتَابُ عِنْدَهُ أَوْ فِي بَيْتِهِ لِيَأْمُرَ بِهِ أَوْ هَوِيَهُ وَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ فَهُوَ كَافِرٌ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: مَا رَأَى الشَّيْطَانُ كَانَ يُحْسِنُ مِثْلَ هَذَا، حَتَّى جَاءَ هَؤُلَاءِ فَأَفَادَهَا مِنْهُمْ فَأَشَاعَهَا حِينَئِذٍ، أَوْ كَانَ يُحْسِنُهَا وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُمْضِيهَا فِيهِمْ حَتَّى جَاءَ هَؤُلَاءِ.

وَقَالَ إِسْحَاقُ الطَّالَقَانِيُّ: قِيلَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إنَّ هَذَا الْكِتَابَ وَضَعَهُ إبْلِيسُ، قَالَ: إبْلِيسُ مِنْ الْأَبَالِسَةِ، وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: فِي كِتَابِ الْحِيَلِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ أَوْ ثَلَاثُونَ مَسْأَلَةً كُلُّهَا كُفْرٌ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيّ: قَالَ شَرِيكٌ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَاضِي الْكُوفَةِ وَذُكِرَ لَهُ كِتَابُ الْحِيَلِ، فَقَالَ: مَنْ يُخَادِعْ اللَّهَ يَخْدَعْهُ، وَقَالَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ: يَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ عَلَيْهِ كِتَابُ الْفُجُورِ، وَقَالَ إسْمَاعِيلُ بْنُ حَمَّادٍ: قَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مَعْنٍ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَاضِي الْكُوفَةِ: كِتَابُكُمْ هَذَا الَّذِي كَتَبْتُمُوهُ فِي الْحِيَلِ كِتَابُ الْفُجُورِ، وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: سَمِعْت أَيُّوبَ يَقُولُ: وَيْلَهُمْ، مَنْ يُخْدَعُونَ؟ يَعْنِي أَصْحَابَ الْحِيَلِ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ يَقُولُ: لَقَدْ أَفْتَى أَصْحَابُ الْحِيَلِ بِشَيْءٍ لَوْ أَفْتَى بِهِ الْيَهُودِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ كَانَ قَبِيحًا، فَقَالَ: إنِّي حَلَفْتُ أَنِّي لَا أُطَلِّقُ امْرَأَتِي بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، وَإِنَّهُمْ قَدْ بَذَلُوا لِي مَالًا كَثِيرًا، فَقَالَ لَهُ: قَبِّلْ أُمَّهَا، فَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: وَيْلَهُ، يَأْمُرُهُ أَنْ يُقَبِّلَ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً؟ وَقَالَ حُبَيْشُ بْنُ مُبَشِّرٍ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي الْإِمَامَ أَحْمَدَ عَنْ الرَّجُلِ يَشْتَرِي جَارِيَةً ثُمَّ يُعْتِقُهَا مِنْ يَوْمِهِ وَيَتَزَوَّجُهَا، أَيَطَؤُهَا مِنْ يَوْمِهِ؟ فَقَالَ: كَيْفَ يَطَؤُهَا مِنْ يَوْمِهِ وَقَدْ وَطِئَهَا ذَلِكَ بِالْأَمْسِ؟ هَذَا مِنْ طَرِيقِ الْحِيلَةِ، وَغَضِبَ، وَقَالَ: هَذَا أَخْبَثُ قَوْلٍ، وَقَالَ رَجُلٌ لِلْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ: يَا أَبَا عَلِيٍّ اسْتَفْتَيْت رَجُلًا فِي يَمِينٍ حَلَفَتْ بِهَا فَقَالَ لِي: إنْ فَعَلْتَ كَذَا حَنِثْتَ، وَأَنَا أَحْتَالُ لَك حَتَّى تَفْعَلَ وَلَا تَحْنَثَ، فَقَالَ لَهُ الْفُضَيْلُ: تَعْرِفُ الرَّجُلَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: ارْجِعْ إلَيْهِ فَاسْتَثْبِتْهُ فَإِنِّي أَحْسَبُهُ شَيْطَانًا شُبِّهَ لَك فِي صُورَةِ إنْسَانٍ.

وَإِنَّمَا قَالَ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ وَأَمْثَالُهُمْ هَذَا الْكَلَامَ فِي هَذِهِ الْحِيَلِ لِأَنَّ فِيهَا الِاحْتِيَالَ عَلَى تَأْخِيرِ صَوْمِ رَمَضَانَ، وَإِسْقَاطَ فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الْحَجِّ وَالزَّكَاةِ، وَإِسْقَاطَ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ، وَاسْتِحْلَالَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ مِنْ الرِّبَا وَالزِّنَا، وَأَخْذَ أَمْوَالِ النَّاسِ وَسَفْكَ دِمَائِهِمْ،

<<  <  ج: ص:  >  >>