للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُحَرِّمُونَ الضَّرَرَ الْيَسِيرَ وَتُبِيحُونَ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ وَالْحَقِيقَةُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَاحِدَةٌ وَهِيَ عَشَرَةٌ بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَبَيْنَهُمَا حَرِيرَةٌ رَجَعَتْ فِي إحْدَى الصُّورَتَيْنِ إلَى مَالِكِهَا وَفِي الثَّانِيَةِ إلَى غَيْرِهِ؟

وَقَالُوا: لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يُزَوِّجُ عَبْدَهُ بِأَمَتِهِ أَبَدًا ثُمَّ أَرَادَ تَزْوِيجَهُ بِهَا وَلَا يَحْنَثُ فَإِنَّهُ يَبِيعُ الْعَبْدَ وَالْجَارِيَةَ مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ يُزَوِّجُهُمَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ يَسْتَرِدُّهُمَا مِنْهُ.

قَالَ الْقَاضِي: وَهَذَا غَيْرُ مُمْتَنِعٍ عَلَى أَصْلِنَا؛ لِأَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ قَدْ وُجِدَ فِي حَالِ زَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُمَا، وَلَا يَتَعَلَّقُ الْحِنْثُ بِاسْتِدَامَةِ الْعَقْدِ بَعْد أَنْ مَلَكَهُمَا؛ لِأَنَّ التَّزْوِيجَ عِبَارَةٌ عَنْ الْعَقْدِ وَقَدْ انْقَضَى وَإِنَّمَا بَقِيَ حُكْمُهُ فَلَمْ يَحْنَثْ بِاسْتِدَامَةِ حُكْمِهِ.

وَقَالُوا: لَوْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ مَالٌ وَهُوَ مُحْتَاجٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَدَعَهُ لَهُ مِنْ زَكَاتِهِ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْقَدْرِ ثُمَّ يَقْبِضَهُ مِنْهُ، ثُمَّ قَالُوا: فَإِنْ كَانَ لَهُ شَرِيكٌ فِيهِ فَخَافَ أَنْ يُخَاصِمَهُ فِيهِ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَهَبَ الْمَطْلُوبُ لِلطَّالِبِ مَالًا بِقَدْرِ حِصَّةِ الطَّالِبِ مِمَّا لَهُ عَلَيْهِ وَيَقْبِضَهُ مِنْهُ لِلطَّالِبِ ثُمَّ يَتَصَدَّقُ الطَّالِبُ عَلَى الْمَطْلُوبِ بِمَا وَهَبَهُ لَهُ وَيَحْتَسِبُ بِذَلِكَ مِنْ زَكَاتِهِ ثُمَّ يَهَبُ الْمَطْلُوبُ مَالَهُ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَلَا يَضْمَنُ الطَّالِبُ لِشَرِيكِهِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ هِبَةَ الدَّيْنِ لِمَنْ فِي ذِمَّتِهِ بَرَاءَةٌ.

وَإِذَا أَبْرَأَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْغَرِيمَ مِنْ نَصِيبِهِ لَمْ يَضْمَنْ لِشَرِيكِهِ شَيْئًا، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ إذَا حَصَلَ الدَّيْنُ فِي ضَمَانِهِ.

وَقَالُوا: لَوْ أَجَّرَهُ الْأَرْضَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ خَرَاجَهَا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْخَرَاجَ عَلَى الْمَالِكِ لَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَالْحِيلَةُ فِي جَوَازِهِ أَنْ يُؤَجِّرَهُ إيَّاهَا بِمَبْلَغٍ يَكُونُ زِيَادَتُهُ بِقَدْرِ الْخَرَاجِ ثُمَّ يَأْذَنُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ فِي خَرَاجِهَا ذَلِكَ الْقَدْرَ الزَّائِدَ عَلَى أُجْرَتِهَا.

قَالُوا: لِأَنَّهُ مَتَى زَادَ مِقْدَارُ الْخَرَاجِ عَلَى الْأُجْرَةِ حَصَلَ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَقَدْ أَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى مُسْتَحِقِّ الْخَرَاجِ وَهُوَ جَائِزٌ.

وَقَالُوا: وَنَظِيرُ هَذَا أَنْ يُؤَجِّرَهُ دَابَّةً وَيَشْتَرِطَ عَلَفَهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لَمْ يَجُزْ وَالْحِيلَةُ فِي جَوَازِهِ هَكَذَا سَوَاءٌ، يَزِيدُ فِي الْأُجْرَةِ وَيُوَكِّلَهُ أَنْ يَعْلِفَ الدَّابَّةَ بِذَلِكَ الْقَدْرِ الزَّائِدِ.

وَقَالُوا: لَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ الشَّجَرَةِ لِلثَّمَرَةِ، وَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُؤَجِّرَهُ الْأَرْضَ وَيُسَاقِيَهُ عَلَى الثَّمَرَةِ مِنْ كُلِّ أَلْفِ جُزْءٍ جُزْءٌ مَثَلًا.

وَقَالُوا: لَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ جَارِيَةً مُعَيَّنَةً بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ دَفَعَهُ إلَيْهِ، فَلَمَّا رَآهَا أَرَادَ شِرَاءَهَا لِنَفْسِهِ، وَخَافَ أَنْ يُحَلِّفَهُ أَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَاهَا بِمَالِ الْمُوَكِّلِ لَهُ، وَهُوَ وَكِيلُهُ، فَالْوَجْهُ أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ عَنْ الْوَكَالَةِ، ثُمَّ يَشْتَرِيَهَا بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ، ثُمَّ يَنْقُدُ مَا مَعَهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَيَصِيرُ لِمُوَكِّلِهِ فِي ذِمَّتِهِ نَظِيرُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>