للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالُوا: وَأَمَّا نَحْنُ فَلَا تَأْتِي هَذِهِ الْحِيلَةُ عَلَى أُصُولِنَا؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَمْلِكُ عَزْلَ نَفْسِهِ إلَّا بِحَضْرَةِ مُوَكِّلِهِ.

قَالُوا: وَقَدْ قَالَتْ الْحَنَابِلَةُ أَيْضًا: لَوْ أَرَادَ إجَارَةً أَرْضٍ لَهُ فِيهَا زَرْعٌ لَمْ يَجُزْ، وَالْحِيلَةُ فِي جَوَازِهِ أَنْ يَبِيعَهُ الزَّرْعَ ثُمَّ يُؤَجِّرَهُ الْأَرْضَ، فَإِنْ أَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ الزَّرْعَ جَازَ.

وَقَالُوا: لَوْ شَرَطَ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْمُضَارِبِ ضَمَانَ مَالِ الْمُضَارَبَةِ لَمْ يَصِحَّ، وَالْحِيلَةُ فِي صِحَّتِهِ أَنْ يُقْرِضَهُ الْمَالَ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ يَقْبِضَهُ الْمُضَارِبُ مِنْهُ، فَإِذَا قَبَضَهُ دَفَعَهُ إلَى مَالِكِهِ الْأَوَّلِ مُضَارَبَةً ثُمَّ يَدْفَعُهُ رَبُّ الْمَالِ إلَى الْمُضَارِبِ بِضَاعَةً فَإِنْ تَوَى.

فَهُوَ مِنْ ضَمَانِ الْمُضَارِبِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِالْقَرْضِ فَتَسْلِيمُهُ إلَى رَبِّ الْمَالِ مُضَارَبَةً كَتَسْلِيمِ مَالٍ لَهُ آخَرَ. وَحِيلَةٌ أُخْرَى، وَهِيَ أَنْ يُقْرِضَ رَبُّ الْمَالِ الْمُضَارِبَ مَا يُرِيدُ دَفْعُهُ إلَيْهِ، ثُمَّ يُخْرِجُ مِنْ عِنْدِهِ دِرْهَمًا وَاحِدًا، فَيُشَارِكُهُ عَلَى أَنْ يَعْمَلَا بِالْمَالَيْنِ جَمِيعًا عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَهُ اللَّهُ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، فَإِنْ عَمِلَ أَحَدُهُمَا بِالْمَالِ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ فَرَبِحَ كَانَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَاهُ، وَإِنْ خَسِرَ كَانَ الْخُسْرَانُ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ، عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِقَدْرِ الدِّرْهَمِ وَعَلَى الْمُضَارِبِ بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ، وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ، وَالْمُلْزَمَ نَفْسَهُ الضَّمَانَ بِدُخُولِهِ فِي الْقَرْضِ.

وَقَالُوا: لَا تَجُوزُ الْمُضَارَبَةُ عَلَى الْعَرْضِ، فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ عَرْضٌ فَأَرَادَ أَنْ يُضَارِبَ عَلَيْهِ فَالْحِيلَةُ فِي جَوَازِهِ أَنْ يَبِيعَهُ الْعَرْضَ وَيَقْبِضَ ثَمَنَهُ فَيَدْفَعَهُ إلَيْهِ مُضَارَبَةً ثُمَّ يَشْتَرِي الْمُضَارِبُ ذَلِكَ الْمَتَاعَ بِالْمَالِ.

وَقَالُوا: لَوْ حَلَّفَتْهُ امْرَأَتُهُ أَنَّ كُلَّ جَارِيَةٍ يَشْتَرِيهَا فَهِيَ حُرَّةٌ، فَالْحِيلَةُ فِي جَوَازِ الشِّرَاءِ وَلَا تَعْتِقُ أَنْ يَعْنِي بِالْجَارِيَةِ السَّفِينَةَ وَلَا تَعْتِقُ، وَإِنْ لَمْ تَحْضُرْهُ هَذِهِ النِّيَّةُ وَقْتَ الْيَمِينِ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا صَاحِبَهُ وَيَهَبُهُ إيَّاهَا ثُمَّ يَهَبُهُ نَظِيرَ الثَّمَنِ.

وَقَالُوا: لَوْ حَلَّفَتْهُ أَنَّ كُلَّ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا عَلَيْهَا فَهِيَ طَالِقٌ، وَخَافَ مِنْ هَذِهِ الْيَمِينِ عِنْدَ مَنْ يُصَحِّحُ هَذَا التَّعْلِيقَ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَنْوِيَ كُلَّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَى طَلَاقِكِ: أَيْ يَكُونُ طَلَاقُكِ صَدَاقُهَا، أَوْ كُلَّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَى رَقَبَتِكِ: أَيْ تَكُونُ رَقَبَتُكِ صَدَاقُهَا، فَهِيَ طَالِقٌ، فَلَا يَحْنَثُ بِالتَّزْوِيجِ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الصِّفَةِ.

وَقَالُوا: لَوْ أَرَادَ أَنْ يَصْرِفَ دَنَانِيرَ بِدَرَاهِمَ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَ الصَّيْرَفِيِّ مَبْلَغُ الدَّرَاهِمِ وَأَرَادَ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>