١٧٩٦ - وعن أنس، أنَّ أبا بكرٍ كتبَ لهُ هذا الكتابَ لما وجَّههُ إِلي البحرين: بسم اللهِ الرَّحمن الرحيم، هذه فريضةُ الصدقةِ التي فرضَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم علي المسلمين، والتي أمرَ اللهُ بها رسوله. فمَن سُئلها من المسلمين علي وجهِها فليُعطِها، ومنْ سُئِلَ فوقهَا فلا يُعطِ: في أربعٍ وعشرينَ من الإِبلِ فما دونها؛ من الغنم من كلِّ خمسٍ شاةٌ. فإذا بلغَتْ خمساً وعشرينَ إِلي خمسٍ وثلاثين؛ ففيها بنتُ مخاضٍ أنثى.
ــ
((مظ)): في الحديث دليل علي أن النصاب في النبات، والتمر، والزبيب خمسة أوسق، وما لم يبلغ منها هذا منها هذا المقدار لا يجب فيه الزكاة، هذا عند الشافعي. وأما عند أبي حنيفة فيجب الزكاة في القليل والكثير من الحبوب، والتمر، والزبيب، وغيرها من النبات. أقول: خصت هذه الأشياء الثلاثة بالذكر؛ لأن الأول والثالث باعتبار بلاد العرب، والثاني عام. ((مظ)): هذا علي مذهب الشافعي، ومالك. وأما عند أبي حنيفة فتجب الزكاة في الخيل إذا كان أنثى، من كل فرس دينار، وإن شاء قومها مالكها، وأخرج من كل مائتي درهم خمسة دراهم.
الحديث الثاني والثالث عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((فرض)) أي بين وفصل. قوله:((علي وجهها)) حال من المفعول الثاني في ((سئلها)) علي الوجه المشروع من غير تعدٍّ، بدليل قوله:((من سئل فوقها فلا يعط)). فإن قلت: دل هذا علي أن المصدق إذا أراد أن يظلم المزكى، فله أن يأباه، ولا يتحرى رضاه، ودل حديث جابر وهو قوله:((أرضوا مصدقيكم وإن ظلمتم)) علي خلاف ذلك. قلت: قد مر أن أولئك المصدقين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكونوا ظالمين، وكان نسبة الظلم إليهم علي زعم المزكى، أو جريان الحكم علي سبيل المبالغة، وهذا عام فلا منافاة بينهما.
قوله:((في أربع)) إلي آخر الحديث استئناف بيان لقوله: ((هذه فريضة الصدقة)) كأنه أشار بـ ((هذه)) إلي ما في الذهن، ثم أتى به بياناً له.
قوله:((من الغنم من كل خمس شاة)) ((من)) الأولي ظرف مستقر؛ لأنه بيان لـ ((شاة)) توكيداً، كما في قوله:((في خمس ذود من الإبل)) والثانية لغو ابتدائية متصلة بالفعل المحذوف، أي ليعط في أربع وعشرين شاة كائنة من الغنم، لأجل كل خمس من الإبل. ((حس)): وفيه دليل علي إباحة الدفع عن ماله إذا طولب بغير حقه، وفيه دليل أيضًا علي جواز إخراج صدقة الأموال الظاهرة بنفسه، دون الإمام. وفيه دليل علي أن الإمام والحاكم إذا ظهر فسقهما بطل حكمهما.
قوله:((ففيها بنت مخاض أنثى)) قيل: هي التي تمت لها سنة، سميت بذلك؛ لأن أمها تكون حاملاً، والمخاض: الحوامل من النوق، لا واحد لها من لفظها، ويقال لواحدتها: