١٨٢٤ - وعن أبي هريرةَ، قال: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا أُتيَ بطعامٍ سألَ عنُه ((أهديَّةٌ أم صدقة؟)) فإِنْ قيلَ: صدقةٌ؛ قالَ لأصحابهِ:((كُلوا)) ولم يأكُلْ، وإِنْ قيلَ: هديَّةٌ، ضربَ بيدهِ فأكلَ معهم. متفق عليه.
١٨٢٥ - وعن عائشةَ، قالت: كانَ في بريرةَ ثلاثُ سنن: إِحدى السُّنَنِ أنها عتقَتْ فخُيّرتْ في زوجها، وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:((الوَلاءُ لمنْ أعتقَ)). ودخلَ رسولُ
ــ
والتقدير: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لانضيع. وذهب صاحب الكشاف إلي أن الخبر ((أولئك))، و {إنا لانضيع أجر من أحسن عملا} معترض. وكذلك ما نحن فيه؛ فإن خبر ((إن)) ((لا تحل لمحمد))، و ((إنما هي أوساخ الناس)) معترضة، و ((إن)) مقحمة للتأكيد، وحمل ((أوساخ)) علي ضمير الصدقات وارد علي التشبيه، كقولك: زيد أسد. وفيه من المبالغة ما لا يخفي. وقد اجتمع في هذا التركيب مبالغات شتى لاسيما جعل المشبه به ((أوساخ الناس)) للتهجين والتقبيح، تنفيرًا واستقذارًا. وجل حضرة الرسالة ومنبع الطهارة أن ينسب إلي ذلك، ولذلك جرد عن نفسه الطاهرة من يسمى محمدًا، كأنه غيره، وهو هو، فإن الطيبات للطيبين.
فإن قلت: فكيف أباحها لبعض أمته، فإن من كمال إيمان المرء أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه؟ قلت: ما أباحها لهم عزيمة، بل اضطرارًا، وكم أحاديث تراها ناهية عن السؤال، فعلي الحازم أن يراها كالميتة، {فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه}. وفي إتيان ((لا)) المؤكدة للنفي، وتكرير اللام في ((لا)) إشعار باستقلال كل بهذا الحكم.
الحديت الرابع عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((ضرب بيده)) أي مد يده إليه من غير تحام عنه، تشبيهًا للمد بالذهاب سريعًا في الأرض، فعداه بالباء، كما يقال: ذهب به، بخلاف إذا كانت صدقة، فإنه صلى الله عليه وسلم يتحاماه ويمتنع منه.
((قض)): وذلك لأن الصدقة منحة لثواب الآخرة، والهدية تمليك الغير شيئًا تقربًا إليه وإكرامًا له؛ ففي الصدقة نوع ترحم وذلك للآخذ، فلذلك حرمت الصدقة عليه صلى الله عليه وسلم دون الهدية. وقيل: لأن الهدية يثاب عليها في الدنيا، فتزول المنة، والصدقة يراد بها ثواب الآخرة فتبقى المنة عليه، ولا ينبغى لنبى أن يمن عليه أحد غير الله.
الحديت الخامس والسادس عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((كان في بريرة تلاث سنن)) جعلها مكانًا ومقرًا لمسائل تلاث؛ لأنها وجدت بسببها. قوله:((البرمة)) ((نه)): هي القدر مطلقًا، وجمعها برام، وهي في الأصل المتخذة من الحجر المعروف بالحجاز واليمن قوله:((ألم أر)) الهمزة فيه للتقرير والتعجب، أي كيف تقدمون إلي هذا الأدم وهذه البرمة تفور باللحم؟ ويجوز أن يكون إنكارًا.