١٨٢٩ - وعن أبي رافعٍ، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بعثَ رجُلاً من بنى مخزومٍ علي الصدقةِ، فقال لأبي رافعٍ: اصحبنى كيما تُصيبَ منها. فقال: لا، حتى آتيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسأَلَهُ. فانطلق إلي النبيِّ صلى الله عليه وسلم فسأله، فقال:((إنَّ الصدقةَ لاتحلُّ لنا، وإنَّ مواليَ القومِ من أنفُسهِمِ)) رواه الترمذي، وأبو داود، والنسائي. [١٨٢٩]
١٨٣، - * وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تحِلُّ الصدقةُ لغنيّ ولا لذي مِرَّةٍ سويّ)) رواه الترمذي، وأبو داود، والدارمي. [١٨٣،]
ــ
وجه لإيراد هذا الحديت في باب من لاتحل له الصدقة؛ لأنه حينئذ نفي حقيقة شىء لم يوجد فيه ما هو لأجله وإثبات ما يخالفها، نحو هذا ليس بإنسان بل هو حيوان لمن لم يوجد فيه الإنسإنية. فتقوى به مذهب أبي حنيفة؛ لأن المسكين عنده من لاشيء له. وجوابه عندنا: المسكين من لا كفاية له، وهو أعم من أن لا يكون عنده شىء أو يكون عنده شيء، ولكن لا يكفي. وما نحن فيه من القسم الأول، وإليه أشار الخطأبي بقوله: في الحديت دليل علي أن المسكين في الظاهر عندهم، والمتعارف لديهم هو السائل الطواف. وإنما نفي صلى الله عليه وسلم المسكنة عنه؛ لأنه تأتيه الكفاية، وقد تأتيه الزيادة عليها فتزول حاجته، ويسقط اسم المسكنة، وإنما تدوم الحاجة والمسكنة فيمن لايسأل ويعطف عليه فيعطى. ويؤيد هذا التأويل إيقاع الخبر موصولا، وجعل ((ترده)) حالا من الضمير في ((يطوف)) فيفيد الانحصار، ورد علي من زعم خلاف ذلك، أي ليس المسكين المتعارف شرعًا من هو متعارف عندكم؛ لأنه ذو كفاية تأتيه الزيادة عليها.
الفصل الثاني
الحديت الأول عن أبي رافع: قوله: ((إن موالي القوم من أنفسهم)) ((مظ)): يعنى أنت عتيقنا، فكما لا تحل الزكاة لنا، فكذلك لا تحل لمن أعتقناه. هذا ظاهر الحديث، ولكن قال الخطأبي: فأما موالي بنى هاشم؛ فإنه لاحظ لهم في سهم ذوى القربى، فلا يجوز أن تحرم الصدقة. ويشبه أن يكون إنما نهاه عن ذلك تنزيهًا له، وقال:((موالي القوم من أنفسهم)) علي سبيل التشبيه في الاستنان بهم، والاقتداء بسيرتهم في اجتناب مال الصدقة التي هي أوساخ الناس، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكفي مثونته، فنهاه عن أخذ الزكاة.
الحديث الثانى عن عبد الله بن عمرو: قوله: ((ولا لذى مرة سوى)) ((نه)): المرة القوة والشدة، والسوى: صحيح الأعضاء. وفي الغريبين: أي ذى عقل وشدة. ((حس)): أصل المرة من قولهم: أمررت الحبل إذا أحكمت فتله. واختلفوا في القوى القادر علي الكسب، هل تحل