١٨٣٤ - وفي روايةٍ لأبي داود عن أبي سعيد:((أو ابن السبيل)). [١٨٣٤]
١٨٣٥ - وعن زياد بن الحارث الصُّدائيَّ، قال: أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فبايعتُهُ، فذكرَ حديثًا طويلاً، فأتاهُ رجلٌ فقال: أَعطِني من الصدقةِ. فقالَ لهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:((إِنَّ اللهَ لم يرضَ بحكمِ نبي ولاغيرهِ في الصدَقاتِ، حتى حكم فيها هو فجزَّأها ثمإنيةَ أجزاء؛ فإنْ كُنتَ من تلك الأجزاءِ أعطيتُكَ)) رواه أبو داود. [١٨٣٥]
ــ
قوله:((اشتراها بماله)) فإن قلت: ما فاتدة قيد الاشتراء بالمال، وكذا قوله:((جار مسكين)) إلي آخره زيادة في الكلام وكان يكفي أن يقال: اشتراه، أو أهدى إليه؟ قلت: أما الأول فتنبيه علي أن ما يعطى للأضياف يصير ملكًا لهم، ومالا من الأموال، فيجوز إبداله بمثله من المال. وأما الثانى: فإن الغالب في الهدايا التواد والتحاب، والمرء إنما يهدى ليستكثر وينعطف عليه، وهو أحق بالجار لاسيما إذا كان مسكينًا ومن تم أعاده مرارًا.
الحديت الخامس عن زياد بن الحارث: قوله: ((حكم فيها هو)) فقوله: ((هو)) تأكيد، إذ ليس هنا صفة جرت علي غير من هي له. و ((حتى)) بمعنى إلي أن. قوله:((فجزأها ثمإنية)) ((خط)): فيه دليل علي أنه لايجوز جمح الصدقة كلها في صنف واحد، وأن الواجب تفريقها علي أهل السهام بحصصهم. ولو كان معنى الآية بيان المحل دون بيان الحصص لم يكن للتجزتة معنى يدل علي صحة ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:((أعطيتك)). قال الإمام في التفسير الكبير في قوله تعالي:{إنما الصدقات للفقراء} الآية: لا دلالة فيها علي قول الشافعى رضي الله عنه في أنها لابد في صرفها إلي الأصناف؛ لأنه إعلام للأئمة بجعل جملة الصدقات لهؤلاء الأصناف؛ فأما أن صدقة زيد بعينها توجب توزيعها علي الأصناف كلها فلا، كما أن قوله تعالي:{واعلموا أنما غنمتم من شىء فأن لله خمسه} الآية توجب تقسيم الخمس علي الطوائف من غير التوزيع بالاتفاق، يعنى لم يقل أحد: إن كل شىء يغنم بعينه يجب تفريق ذلك الشيء، علي الطوائف كلها. وأيضًا إن الحكم الثابت في مجموعه لايوجب ثبوته في كل جزء من أجزائه.
قال محيى السنة في معالم التنزيل: واختلف الفقهاء في كيفية قسم الصدقات، فذهب جماعة إلي أنه لايجوز صرف كلها إلي بعضهم مع وجود سائر الأصناف. وهو قول عكرمة، وبه قال الشافعى رضي الله عنه، وقال: يجب أن تقسم زكاة كل صنف من ماله علي الموجودين من الأصناف قسمة علي السواء، ثم حصة كل صنف لاتجوز أن تصرف إلي أقل من ثلاثة منهم،