١٨٣٦ - عن زيد بن أسلَم، قال: شربَ عمرُ بن الخطَّابِ رضي الله عنه لبنًا فأعجبَه، فسألَ الذي سقاهُ. من أينَ هذا اللَّبَنُ؟ فأخبره أنَّهُ ورَدَ علي ماءٍ قد سمَّاه، فإذا نَعَمٌ من نعَمِ الصدقة وهم يسقُون، فحلَبوا من ألبانها فجعلْتُه في سقائي فهوَ هذا فأدخلَ عُمرُ يدهَ، فاستَقاءَه. رواه مالك، والبيهقي في ((شعبِ الإيمان)) [١٨٣٦].
ــ
إن وجد ثلاثة. وذهب جماعة إلي أنه لو صرف الكل إلي صنف زاحد من هذه الأصناف أو إلي شخص واحد منهم جاز. وإنما سمى الله تعالي الأصناف الثمإنية إعلامًا منه أن الصدقة لا تخرج من هذه الأصناف لا إيجابًا لقسمها بينهم جميعًا. يدل عليه إيراد الآية بأداة الحصر، أي إنما الصدقات لهؤلاء الأصناف لا لغيرهم. وهو قول عمر وابن عباس رضي الله عنهما، وبه قال سعيد بن جبير وعطاء، وإليه ذهب سفيان الثوري، وأصحاب أبي حنيفة. وقال أحمد: يجوز أن يضعها في صنف واحد، وتفريقها أولي. وقال مالك: يتحرى موضع الحاجة منهم، ويقدم الأولي فالأولي، وإن رأي الحاجة في الفقراء في عام أكثر قدمهم، وإن رأي في عام في صنف آخر حولها إليهم. وكل من دفع إليه صدقته لا يزيد علي قدر الاستحقاق. وقال القاضي: قول الأئمة الثلاثة جواز الصرف إلي صنف واحد، واختاره بعض أصحابنا.
قوله:((فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك)) ما أحسن هذا الجواب وما ألطفه وما أنصفه! إذ لو قال: ما أعطيتك فإنك لن تستحقها ولا أنت أهل لها، لاشمأز ونفر، ولكن بعثه علي التفكر، وأن يوازن حاله علي حكم الله، فيقف علي أنه لا يستحقها، ففيه إيجاز من وجه، وإطناب من وجه، فليتأمل.
الفصل الثالث
الحديث الأول عن زيد بن أسلم: قوله: ((علي ماء)) أي مكان فيه ماء القوم. قوله:((فاستقاء)) هذا غاية الورع والتنزه عن الشبه.