للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٨٥٦ - وعن عمرَ رضي الله عنه، قال: تعلَمُنَّ أيُّها الناسُ! أنَّ الطمعَ فقْرٌ، وأنَّ الإياسَ غنى، وأنَّ المرءَ إذا يئِسَ عنْ شيءٍ استَغْنى عنه. رواه رَزين.

١٨٥٧ - وعن ثَوبْانَ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ يكفَلُ لي أنْ لا يَسألَ النَّاسَ شيئًا، فأتكفَّلُ له بالجنَّةِ؟)) فقال ثوبانُ: أنا؛ فكانَ لا يَسألُ أحدًا شيئا. رواه أبو داود، والنسائي [١٨٥٧].

ــ

قوله تعالي: {أبِا لله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون} [خطأَهم] موقع الاستهزاء، حيث جعل المستهزأ به يلي حرف الإنكار. ويلحق به سؤال المساجد؛ لأن الساجد لم تبن إلا للعبادة. قوله: ((فخفقه بالدرة)) الخفق الضرب بالشىء العريض.

الحديث الرابع عن عمر رضي الله عنه: قوله: ((تعلمن أيها الناس)) أي لتعلمن كقوله: محمد تفقد نفسك. وفيه شذوذان: إيراد اللام في أمر المخاطب المبنى للفاعل، وحذفها مع العمل. ويحتمل أن يقال: إنها جواب قسم، واللام المقدرة هي المفتوحة، أي والله لتعلمن، يعني إذا رجعتم إلي أنفسكم وتأملتم حق التأمل، وجدتم الأمر علي ما أقول. و ((أيها الناس)) نداء عام متناول لجميع الأفراد، وقريب هذا النداء من قولهم إنا نفعل كذا أيتها العصابة، من حيث الاختصاص. والأقرب إلي الذوق أن لا يعمم هذا النداء؛ وأن لا تجعل اللام للاستغراق، بل يصرف الخطاب إلي الإنسان الكامل الحقيقى؛ وعلي هذا يكون حمل قوله ((لتعلمن)) علي جواب القسم ظاهرًا.

قوله ((وإن الإياس غنى)) قال ماحب المغرب: الإياس بمعنى اليأس، والواو في قوله: ((وإن المرأ إذا يئس)) إلي آخره داخلة بين المفسِّر والمفسَّر، كقولك: أعجبنى زيد وكرمه. قوله: ((الطمع فقر)) تشبيه بحذف الأداة، والمعنى الجامع: كما أن الفقير لم يزل عنه الاحتياج كذلك الطامع الحريص لا يشبع، وكذا الغنى من اكتفي بما عنده عن الناس، كذلك الآيس القانع.

الحديث الخامس عن ثوبان: قوله: ((من يكفل لي)) أي من يضمن لي، من الكفالة، وهي الضمان. وقوله: ((أن لا يسأل)) أن مصدرية، والفعل معها مفعول ((يكفل)) أي من يلتزم لي علي نفسه عدم السؤال. وفيه دلالة علي شدة الاهتمام بشأن الكف عن السؤال.

((حس)): عن معمر عن عائشة أنها كانت تقول: تعاهدوا ثوبان فإنه لا يسأل أحدًا شيئًا، قال: وكانت تسقط منه العصا، أو السوط، فما يسأل أحدًا أن يناوله، حتى ينزل فيأخذه.

<<  <  ج: ص:  >  >>