١٨٥٣ - عن ابن الفِراسيِّ، أنَّ الفِراسيَّ قال: قلتُ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم: أسْألُ يا رسولَ الله؟ فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:((لا، وإنْ كنتَ لابدَّ فسَلِ الصَّالحينَ)). رواه أبو داود، والنسائي.
١٨٥٤ - وعن ابنِ السَّاعديِّ قال: استعملَني عمرُ علي الصدَقةِ، فلمَّا فرَغتُ منها وأدَّيتُها إِليه، أمرَ لي بعُمالةٍ، فقلتُ: إِنّما عَملِتُ للهِ، وأجْري علي اللهِ، قال: خُذْ ما أُعطيِتَ، فإني قدْ عَمِلتُ علي عهد رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فعمَّلني، فقلتُ مثلَ قولِكَ، فقال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:((إِذا أُعطيِتَ شيئًا منْ غيرِ أن تسألَهُ فكُلْ وتَصَدَّقْ)) رواه أبو داود. [١٨٥٤]
١٨٥٥ - وعن علي رضي الله عنه، أنَّه سمعَ يومَ عرَفةَ رجلاً يسألُ النَّاسَ. فقال: أفي هذا اليومِ، وفي هذا المكانِ تسألُ منْ غَيرِ اللهِ؟! فخفقَه بالدِّرَّة .. رواه رزين.
ــ
الفصل الثالث
الحديث الأول عن ابن الفراسى: قوله: ((أسأل)) أي أأسأل؟. قوله ((وإن كنت)) عطف علي محذوف، أي لا تسأل الناس وتوكل علي الله تعالي علي كل حال، وإن كان لابد لك من سؤال فاسأل الصلحاء. وخبر ((كان)) محذوف، و ((لابد)) معترضة مؤكدة بين الشرط والجزاء. وفي وضع ((الصالحين)) موضع الكرماء إشارة إلي كل ما يمنحونه، وصون عرض السائل صونا ما؛ لأن الصالح لا يمنح إلا من الحلال، ولا يكون إلا كريمًا، لا يهتك العرض.
الحديث الثانى عن ابن الساعدى: قوله: ((بعمالة)) ((مح)): هي بضم العين: مال يعطى العامل علي عمله، و ((عملنى)) بالتشديد أي أعطانى أجرة عملي. وفي هذا الحديث جواز أخذ العوض علي أعمال المسلمين، سواء كانت لدين أو لدنيا، كالقضاء، والحسبة وغيرهما، واختلف العلماء فيمن جاءه مال، هل يجب قبوله أو يندب علي ثلاثة مذاهب، الصحيح الذي عليه الجمهور: أنه مستحب إذا كان حلالا.
الحديث الثالث عن علي رضي الله عنه: قوله: ((أفي هذا اليوم)) أدخل همزة الإنكار علي ظرف الزمان، وأتبعه ظرف المكان، وقدمهما علي عاملهما لمزيد الإنكار، المعنى: إن السؤال من غير الله منكر، لاسيما في يوم الحج الأكبر، وفي مكان يجتمع فيه وفد الله وزوار بيته. ونحوه